للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومما يقوي إحكام الآية وعدم النسخ، وهو أن النسخ إنَّما يصار إليه عند عدم إمكان الجمع، وهنا أمكن الجمع، وفي ذلك يقول القرطبي: «وقيل: ليس هذا وجوباً، والمعنى: فاحكم بينهم إن شئت» (١).

أي: فاحكم بينهم بما أنزل الله، إن شئت الحكم بينهم، وعليه فله الإعراض عن الحكم بينهم.

وفي فائدة تكرار الأمر بالحكم بينهم بما أنزل الله كما في الآيتين.

قال الرازي: «أعيد ذكرُ الأمر بعد ذكره في الآية الأولى، إمَّا للتأكيد، وإمَّا لأنهما حكمان أُمِر بهما جميعاً؛ لأنهم احتكموا إليه في زنا المحصن، ثم تحاكموا في قتيل كان فيهم» (٢).

قال تعالى: ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [النور: ٤٨ - ٥١].

دلت الآيات على الأحكام الآتية:

• الحكم الأول: وجوب الحضور على من دُعي لحكم الشرع، وتحريم الامتناع (٣).

مأخذ الحكم: الذّم الوارد على ترك الحضور في قوله: ﴿أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾،


(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٦/ ٢١٠).
(٢) التفسير الكبير للرازي (٤/ ٣٧٤).
(٣) ينظر: الإكليل (٣/ ١٠٣٧).

<<  <   >  >>