للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استدل بالآيتين على الأحكام الآتية:

• الحكم الأول: وجوب القيام بالقسط والعدل في الشهادة.

مأخذ الحكم: الأمر في قوله: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ﴾ مع المبالغة في ذلك من وجهين:

الأولى: من حيث اللفظ والصيغة، وفي هذا يقول القرطبي: «﴿قَوَّامِينَ﴾؛ بناء مبالغة، أي: ليتكرر منكم القيام بالقسط، وهو العدل في شهادتكم» (١).

قلت: وقد بيَّن القرطبي أن ﴿شُهَدَاءَ﴾، نصبت إما على النعت ل: ﴿قَوَّامِينَ﴾، وهذا يؤيد ما سبق، أو أنها خبر ثان ل «كان»، «كونوا قوامين، وكونوا شهداء».

فقال : «قوله تعالى: ﴿شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾، نصب على النعت ل «قوامين»، وإن شئت كان خبراً بعد خبر» (٢).

الثاني: قيام القسط والعدل حتى على النفس أو الوالدين أو الأقربين، فالأجنبي أولى بذلك؛ لعدم المانع القلبي أو العاطفي أن يقام عليه ذلك.

قال القرطبي: «وشهادة المرء على نفسه إقراره بالحقوق عليها، ثم الوالدين لوجوب برهما وعظم قدرهما، ثم ثنَّى بالأقربين؛ إذ هم مظنة المودَّة والتعصب، فكان الأجنبي من الناس أحرى، أن يقام عليه بالقسط ويشهد عليه» (٣).

ومن مأخذ الحكم قول الرازي: «ونهاهم عن العدول عن القسط، واتباع الهوى، والإعراض عن القيام بأدائها، سواء كان المشهود عليه غنياً أو فقيراً، قريباً أو بعيداً، وهذا أمر مجمع عليه بين المسلمين» (٤).


(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ٣٩٠).
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ٣٩٠).
(٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ٣٩٠ - ٣٩١).
(٤) التفسير الكبير للرازي (٣/ ٤١).

<<  <   >  >>