للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ [النور: ٣٣]

استدل بالآية على الأحكام الآتية:

• الحكم الأول: مشروعية الكتابة، فقيل: على الوجوب، وقيل: بالندب (١).

مأخذ الحكم: من قال بالوجوب للأمر في قوله: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ﴾، وهو على ظاهره وأصله: الوجوب.

ومن قال بالندب والاستحباب فجعله مصروفاً، واختلفوا في الصارف، ومن ذلك:

(١) كون الأمر عُلِّق على أمر باطن في قوله: ﴿إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾، وعلم السيد بالخير باطن، والواجبات لا تعلق بمثله.

(٢) كون الأمر بعد حظر.

قال ابن الفرس: «وقال بعضهم: الكتابة غدر ومخالفة لقياس الأصول، فالأصل فيها الحظر، والأمر إذا صدر بعد الحظر فهو محمول على الإباحة». ثمَّ ضعف هذا القول، وقال: «لأنَّا لا نعلم قط أن الكتابة محظورة ثمَّ أبيحت» (٢).

قلت: توارد التمثيل بالآية على الحكم المذكور في كتب الأصول، وبيَّنوا سبب كون المكاتبة أمرًا بعد حظر، ومن ذلك قول الزركشي: «ليس المراد بالحظر في هذه المسألة أن يكون محرَّماً فقط، بل المراد ذلك، أو أنه كان من حقه التحريم؛ فإن الشافعي مَثَّلَهَا بقوله: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾، وجوازُ الكتابةِ على


(١) ينظر: الإكليل (٣/ ١٠٣٢)، وأحكام القرآن لابن الفرس (٣/ ٣٧٧).
(٢) أحكام القرآن لابن الفرس (٣/ ٣٧٧ - ٣٧٨).

<<  <   >  >>