للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال بعدها في آيات ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١١] ومفهوم الشرط: إن لم يقيموا الصلاة فلا يخلى سبيلهم وليسوا بإخوة، والمعلق بشرط ينعدم بعدمه.

نوقش عند بعضهم: أن ذكر الصلاة والزكاة في الآية لم يقصد منه جعلها شرطاً لترتيب حكم التخلية عليه، وإنما هو من باب الإشارة إلى أعظم الشعائر الإسلامية، وهما الصلاة التي هي أعظم العبادات البدنية، والزكاة التي هي أعظم العبادات المالية.

وقيل إن الآية نزلت في حق طوائف المشركين وقبائلهم المجتمعة، فلا يصح الاستدلال بها في قتال الأفراد الممتنعين.

قال ابن قدامة : (فإنا لا نعلم في عصر من الأعصار أحداً من تاركي الصلاة تُرك تغسيله والصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين، ولا مُنع ورثته ميراثه، ولا منع هو ميراث مورثه، ولا فرّق بين الزوجين لترك الصلاة من أحدهما مع كثرة تاركي الصلاة، ولو كان كافراً لثبتت هذه الأحكام كلها .... ) (١).

ثم إن العرب تطلق اسم المتوقع من الشيء في النهاية لم حاله في البداية، ولما كان ترك الصلاة أول بداية الكفر، لأن المرء إذا ترك الصلاة واعتاده ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك الفرائض أداه ذلك إلى التكذيب بالدين والردة عنه -عياذاً بالله- فأطلق اسم الكفر على البداية التي أول شعبها ترك الصلاة.

وهذا الأسلوب معهود في حديث النبي (المراء في القرآن كفر) (٢)، لأن


(١) المغني (٢/ ٣٣٢).
(٢) أخرجه أبوداود في كتاب السنة، باب النهي عن الجدال في القرآن، برقم (٤٦٠٣)، وحسنه الألباني.

<<  <   >  >>