للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"لا حاجة إلى تخطئة الرواة الثقات بل حكمه حكم سائر المتشابهات فإما أن يفوض وإما أن يؤول (١) " هذا ما يراه الكرماني ولا يُسلم له.

ومثله الحافظ -رحمه الله- فقد تعقب الخطابي بأنه لم يراجع باقي الروايات الصحيحة وأن طعنه في أئمة الحديث الضابطين مع إمكان توجيه ما رووا من الأمور التي أقدم عليها كثير من غير أهل الحديث وهو يقتضي قصور في علم من فعل ذلك منهم. (٢)

وقال الإمام النووي -رحمه الله-: (لا شخص) أي لا أحد، وإنما قال لا شخص استعارة ومعناه لا ينبغي لشخص أن يكون أغير من الله ولا يتصور ذلك منه. (٣)

وإلى مثل هذا ذهب البيهقي -رحمه الله- فقد ساق كلام الخطابي وارتضى أن يكون لفظ (لا شخص) تصحيفاً ثم قال: ولو ثبتت هذه اللفظة لم يكن فيها ما يوجب أن يكون الله شخصاً، فإنما قصد إثبات صفة الغيرة لله تعالى والمبالغة فيه، وأن أحداً من الأشخاص لا يبلغ تمامها. ونقل البيهقي مثل ذلك عن أبي بكر الإسماعيلي (٤) بأنه لا يوجب بأن الله شخص. (٥)

واسند لذلك بأن قوله (ما خلق الله شيئاً أعظم من آية الكرسي) ليس فيه إثبات خلق آية الكرسي، وليس فيه إلا أن لا خلق في العِظم كآية الكرسي، لا أن آية الكرسي مخلوقة (٦)، وبهذا قال ابن فورك وأخذه عنه ابن بطال.


(١) (٢٥/ ١٢٨) الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري للكرماني (٢٥/ ١٢٨).
(٢) فتح الباري (١٣/ ٤٠١) بتصرف.
(٣) شرح صحيح مسلم (١٠/ ١٠٣).
(٤) أحمد بن إبراهيم إسماعيل، حافظ جمع بين الفقه والحديث ورياسة الدين والدنيا، (ت ٣٧١ هـ) الأعلام (١/ ٨٦).
(٥) الأسماء والصفات صـ ٣٦٦.
(٦) المصدر السابق، وهذا المثال محل نظر والله أعلم.

<<  <   >  >>