للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: ما ورد في الاستواء على العرش]

لما كان من الجهمية ومن تبعهم يزعمون ان الله في كل مكان وانكروا ان يكون فوق عرشه (١) كما اخبر عن نفسه فقال {ثم استوى على العرش} الحديد ٤ ظنوا ان في اثبات استواءه على العرش تشبيهاً له بخلقه وهو يقول {قل أأنتم أعلم أم الله} البقرة ١٤٠

وعلّة الجهمية هي علّة كل من لم يفرق الله عن المخلوق فيتوهمون باوهامهم وخيالاتهم أنه إذا كان فوق العرش كان محتاجاً اليه كما يحتاج الملك إلى كرسيه وكذلك من توهم ان استواءه مثل استواء خلقه باطل بل هو مستغن عن كل ما سواه سبحانه وتعالى ولم يتوهم ذلك الصحابة وهم يسمعون ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل آمنوا بعلوه علواً يليق به من غير ان يفتقر إلى شيء من مخلوقاته تبارك وتعالى.

قال شيخ الاسلام " وهو سبحانه حامل بقدرته للعرش وحملة العرش فانما أطاقوا حمل العرش بقوته تعالى والله إذا جعل في مخلوق قوة أطاق حمل العرش ما شاء ان يحمله من عظمته وغيرها فهو بقوته الحامل للحامل والمحمول فكيف يكون مفتقراً إلى شيء (٢)

وقد ذكر العرش في القرآن الكريم في احدى وعشرين آية من كتاب الله ذكر الله الاستواء في سبع آيات منها وقد مجد الله تبارك وتعالى نفسه وأنه ذو العرش فاضافة له اضافة تعظيم وتمجيد واختصاص فقال: {فسبحان الله رب العرش عما يصفون} الأنبياء ٢٢ وقال {


(١) ذكر قولهم في كتاب العرش لابن ابي شيبة وغيره وانظر مختصر العلو للذهبي ص ٢٢٠
(٢) درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ٧/ ٢٠

<<  <   >  >>