للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وأنا أرجو أن يبارك الله تعالى للمسلمين في هذه المصنفات. (١)

وقد استجاب الله لدعائه خاصة في كتابه الذي يعد أصح الكتب المؤلفة في الأحاديث وهو ما سنفرد الكلام عنه- إن شاء الله-.

[المطلب الخامس: شمائله]

البخاري -رحمه الله- تربى في بيئة صالحة، فقد قال أحمد بن حفص (٢): دخلت على إسماعيل والد أبي عبد الله عند موته فقال: لا أعلم في مالي درهماً حراماً ولا درهماً من شبهة.

فلا عجب - بعد توفيق الله- أن ينشأ البخاري صالحاً في هذه البيئة الصالحة.

وكان من زهده -رحمه الله- أن قال: ما توليت شراء شيء قط ولا بيعه. كنت آمر إنساناً فيشتري لي فقيل لي: ولم؟ قال: لما فيه من الزيادة والنقصان والتخليط.

قال وراقه: رأيته استلقى (بفربر) (٣) في تصنيف كتاب التفسير وكان اتعب نفسه في ذلك اليوم في التخريج، فقلت له: إني أراك تقول: ما أثبت شيئاً بغير علم فما الفائدة في الاستلقاء؟

فقال: أتعبت نفسي اليوم. وهذا ثغر خشيت أن يحدث حدثٌ من أمر العدو فأحببت أن أستريح وآخذ أهبة، فإذا غافصنا (٤) العدو كان بنا حراك.

وكان رحمه الله ذا زهد وورع، قال مرة لأبي معشر الضرير (٥) اجعلني في حل يا أبا معشر فقال: من أي شيء يا أبا عبد الله، قال: رويت حديثاً يوماً فنظرت إليك وقد أعجبت به وأنت تحرك رأسك ويديك فتبسمت من ذلك، فقال: أنت في حل يرحمك الله يا أباعبدالله.


(١) هدي الساري لابن حجر (٤٨٨).
(٢) أحمد بن حفص السلمي، قاضي نيسابور، روى عنه البخاري وأبوداود والنسائي (ت ٢٥٨ هـ)، الخلاصة صـ ٥.
(٣) بلدة بين جيحون وبخارى كانت من الثغور: معجم البلدان ٤/ ٢٤٥. وهي في ولاية ليباب في دولة تركمانستان الان
(٤) المغافصة: الأخذ على غِرَّة، لسان العرب ٢/ ١٠٠١.
(٥) محمد بن أبان الخطاب - حافظ ثقة، ت ٢٢٤ هـ، الأعلام ٥/ ٢٩٣

<<  <   >  >>