للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السادس: علمه وثناء الأئمة عليه]

أشتهر الإمام البخاري رحمه الله بطلب العلم المبكر مع الحفظ والإتقان، فقد كان يختلف مع بعض أقرانه إلى مشايخ البصرة وهو غلام فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام قالوا: فلمناه بعد ستة عشر يوماً، فقال: قد أكثرتم عليّ فاعرضوا عليّ ما كتبتم فأخرجناه فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها عن ظهر قلب حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه.

وقصته مع أهل بغداد أشهر من أن تورد في قوة حفظه وسعة علمه لمّا امتحنوه بمائة حديث مغلوطة الأسانيد فردها إلى أصولها في مجلس واحد.

وقد أثنى عليه علماء زمانه وأكبروه واعترفوا له بالفضل، قال الإمام أحمد بن حنبل: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل.

وقال الإمام قتيبة بن سعيد (١): جالست الفقهاء والزهاد والعباد فما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل وهو في زمانه مثل عمر في الصحابة، وسئل قتيبة عن طلاق السكران: فدخل محمد بن إسماعيل، فقال قتيبة للسائل: هذا أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني (٢) قد ساقهم الله إليك، وأشار إلى البخاري. وقال نعيم بن حماد (٣): محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة. وقال إمام الأئمة ابن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل.


(١) قتيبة بن سعيد بن جميل الثقفي، ثقة ثبت روى عنه الستة، ت ٢٤٠ هـ التغريب (٢/ ١٢٣).
(٢) علي بن المديني:
(٣) نعيم بن حماد بن معاوية الخزاعي الحافظ، مات في السجن لامتناعه عن القول بخلق القرآن سنة ٢٢٨ هـ، الخلاصة (٣).

<<  <   >  >>