للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: سبب ومدة ومكان تأليفه]

كان الباعث لتأليف الصحيح ما سمعه البخاري شاباً أيام الطلب في مجلس الإمام إسحاق بن راهويه فقال لهم: لو جمعتم كتاباً مختصراً لسنن النبي صلى الله عليه وسلم. قال البخاري: فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع هذا الكتاب وهذا ربما ساعده فيه الرؤيا التي شاهدها في نومه، قال: رأيت كأني واقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيدي مروحة أذب عنه فسألت بعض المعبرين فقال: إنك تذب عنه الكذب، قال: فهو الذي حملني على إخراج الصحيح. (١)

وقد ألفه في مدة ستة عشر سنة وكان غالب تصنيفه له في المسجد الحرام بل أنه لم يدخل فيه حديثاً إلاّ بعد ما استخار الله وصلى ركعتين وتيقن من صحته وقيل في بخارى أو البصرة، وأما التراجم فكانت بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره، وقد خرجه من ستمائة ألف حديث كما ذكر -رحمه الله- وقد جمع الإمام النووي: أن هذا كله ممكن فإنه طوال الستة عشر عاماً كان متنقلاً بين مكة والبصرة وبخارى. وقال ابن حجر: إن ذلك فرق بين تسو يده وتبييضه وترتيبه. (٢)

وقد عرض البخاري مؤلفه هذا العظيم على أئمة الحديث في وقته وأقروه على ذلك. فقد عرضه على علي بن المديني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين (٣) فأقروه عليه، وقال عن نفسه: كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه وكنيته ونسبته وحمله الحديث إذا كان الرجل فهماً.


(١) تاريخ بغداد ٢/ ٨ وشرح النووي ٧.
(٢) شرح النووي صـ ٨ وهدي الساري ٤٨٩.
(٣) يحيى بن معين البغدادي من مؤرخي الحديث، وسيد الحفاظ قال أحمد: أعلمنا بالرجال (ت ٢٣٣ هـ) الأعلام (٨/ ١٧٢).

<<  <   >  >>