للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: دلالة الأسماء الحسنى على الذات]

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- " إن كل اسم من أسماء الله فإنه يستلزم معنى الآخر، فإنه يدل على الذات، والذات تستلزم معنى الاسم الآخر (١) ".

ومعرفة دلالة اللزوم من أنفع العلوم وأدقها ولكن يتفاوت الناس في معرفتها. قال ابن القيم -رحمه الله-، "يتفاوت الناس في معرفة اللزوم وعدمه ومن هنا يقع اختلافهم في كثير من الأسماء والصفات والأحكام، فإنه من علم أن الفعل الاختياري لازم للحياة، وأن السمع والبصر لازم للحياة الكاملة، وأن سائر الكمال من لوازم الحياة الكاملة، أثبت من أسماء الرب وصفاته وأفعاله ما ينكره من لم يعرف لزوم ذلك، ولا عرف حقيقة الحياة ولوازمها، وكذلك سائر صفاته، فإن اسم الله العظيم له لوازم ينكرها من لم يعرف عظمة الله ولوازمها (٢) ".

ودلالة أسماء الله على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة وبالتضمن وبالالتزام، ومثال ذلك (الخالق) يدل على ذات الله وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها، وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام، ولهذا لما ذكر الله خلق السموات والأرض، قال، {لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً} (٣) الطلاق ١٢. وهذا كما نبه العلماء من العلم الرباني الذي يجب العناية به من طالب العلم والعناية بالتفكر فيه، كيف لا. وهو في أسماء الرب تبارك وتعالى.


(١) الفتاوى ١٠/ ٢٥٤.
(٢) مدارج السالكين ١/ ٣٠ - ٣١.
(٣) القواعد المثلى لابن عثيمين صـ ١٤. وانظر بتوسع بدائع الفوائد لابن القيم ١/ ١٦٢.

<<  <   >  >>