الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأرسل إلينا أفضل الأنبياء والمرسلين، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس.
والصلاة والسلام على عبده ورسوله الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلاّ وحي يوحى. وبعد؛
فقد كان المسلمون حتى وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وصدر من عصر الصحابة -رضوان الله عليهم- على منهاج واحد، وسبيل متحد في الاعتقاد والأحكام، ولهذا كان بينهم من الوفاق العلمي والاتفاق العملي ما يجعلهم قدوة الأمة، يعض على أقوالهم بالنواجذ.
مصدرهم الذي يعتمدون: الكتاب والسنة؛ عنهما يصدرون، وإليهما يتحاكمون، وبهما يحتجون، لم يعرضوا عن نصوص الوحي، ولم يعارضوها، ولم يعطلوها ولم يحرفوها، ولا يقبلون من أحد - ولو علت في النفوس منزلته - مقالة في الدين حتى يأتي بشاهدين: الكتاب والسنة.
وقد أكمل الله لهم الدين فلم يزيدوه، وقد أتمه لهم فلم ينقصوه، وقد رضيه لهم فلم يسخطوه، وأصل الدين وأساسه معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، ومعرفة ما يجب له على عباده.
ولا يجوز لأحد أن يظن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يبين ما يجب على المؤمن اعتقاده بربه، لأن هذا هو الذي أُمر بتبليغه، قال شيخ الإسلام -رحمه الله- " من المحال في العقل والدين أن يكون السراج المنير الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وأنزل معه الكتاب بالحق؛ ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه أن يكون قد ترك باب الإيمان بالله والعلم به ملتبساً مشتبها، ولم يميز بين ما يجب لله من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وما يجوز عليه، وما يمتنع