للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم استشهد البخاري رحمه الله بحديث ابن مسعود وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - " ان الله يحدث من أمره ما يشاء وان مما أحدث ان لا تكلموا في الصلاة "

ذلك ان ابن مسعود قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي وسلم عليه وكانوا يفعلون ذلك - فلم يرد عليه السلام فلما فرغ الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لابن مسعود ما قال: ودلالة الحديث واضحة ومطابقة الحديث للترجمة والآيات فقوله - صلى الله عليه وسلم - {ان الله يحدث من أمره} موافق لقوله تعالى {وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} الأنبياء ٢

قال ابن رجب رحمه الله في شرحه لصحيح البخاري: وقوله " ان الله احدث ان لا تكلموا في الصلاة " اشارة إلى أنه شرع بعد ان لم يكن شرّعه ومنعه بعد أن لم يكن قد منعه (١) ومثله الروايتان عن ابن عباس " كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي انزله الله على نبيكم احدث الأخبار بالله محضاً لم يشب وفي الرواية الاخرى أقرب الكتب عهداً بالله. فالمعنى أنه آخر الكتب واحدثها بالله واقربها عهداً به وهذا موضع الشاهد من الباب، وهذا الباب فصل في ما سيأتي من أبواب فيها الكلام على بقية الصفات الاختيارية إذ سيكون ايرادها على وجه الاختصار خاصة ما دخلت تحت جنس واحد في الكلام، ومابقي من مسائل جرى فيها الخلاف سأعرض له في مسألة الكلام ان شاء الله إذ أطال فيها الإمام البخاري (٢)


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن رجب ٩/ ٢٩١
(٢) يلاحظ في هذه المسألة - أكثر من غيرها - وضوح مخالفة شراح البخاري المتقدمين عن مقصود البخاري
إذ غالب أقوالهم في نفي الصفات الاختيارية أو تأويلها انظر الفتح ١٣/ ٥٠٦، ٥٠٧

<<  <   >  >>