للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن بطال في باب قوله تعالى {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} الذاريات ٥٨، قال القوة بمعنى القدرة، وقال البيهقي: القوي التام القدرة لا ينسب إليه عجز في حالة من الأحوال ويرجع معناه إلى القدرة والقادر.

وقال الحافظ" الحديث رد على من قال إنه قادر بنفسه لا بقدرة؛ لأن القوة بمعنى القدرة. (١)

وذكر الحافظ -رحمه الله- مثل هذا في باب [قل هو القادر] وأحال إلى الموضع السابق. وهذا خلاف ظاهر الآيات لأنه يمكن تفسير القوة بأنها الفعل بلا ضعف وليست القدرة؛ لأن القوة الفعل بلا عجز، يستدل بقوله تعالى {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة} الروم ٥٤، ولم يقل ثم جعل من بعد ضعف قدرة، وقال سبحانه {وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً} فاطر ٤٤، فقال ليعجزه ثم قال إنه كان عليماً قديراً ولم يقل كان عليماً قوياً.

ولأن بينهما فرقاً، فالقوة أكمل من القدرة فمن لا يستطيع حمل صخرة مثلاً يقال له غير قادر ومن يحمله بمشقة يقال إنه قادر غير قوي ومن حمله بسهولة فهو قادر قوي. (٢)

وفي إثبات قدرته التامة تبارك وتعالى تنزيه له ووصف له بما يستحق من الإجلال والتعظيم وهذا معنى قوله تعالى {إنه على كل شيء قدير}. فليست القدرة بمعنى القوة بل بينهما فرق، وهنا ننبه بخطأ من يقول (إنه على ما يشاء قدير) فهذا القول فيه تخصيص للقدرة بما يشاء ويلزم من ذلك أن يكون غير قادر على الذي لا يشاؤه ومن هنا يأتي المعتزلة في قولهم


(١) الفتح ١٣/ ٣٧٣. و ١٣/ ٣٨٨.
(٢) وانظر شرح كتاب التوحيد لابن عثيمين صـ ١٩.

<<  <   >  >>