للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا في بقية الأحاديث التي تدل على مشيئته تبارك وتعالى وإرادته وما تعلقت به إرادته الكونية، وقد أجمل ووضح شيخ الإسلام -رحمه الله- فذكر أن الأشياء باعتبار تعلق الإرادتين بها من عدمه لا تخرج عن أربعة أقسام:

أحدها: ما تعلقت به الإرادتان وهو ما وقع في الوجود من الأعمال الصالحة، فهذه مرادة ديناً وشرعاً؛ لأنها محبوبة ومرضية ومرادة كوناً وشرعاً لوقوعها ولولا ذلك لما كانت.

الثاني: ما تعلقت به الإرادة الدينية فقط، وهو ما أمر الله به من الأعمال الصالحة مما لم يقع كايمان أبي جهل وسائر الكفار، فهذه مرادة ديناً لأنها من الأعمال الصالحة التي يحبها الله ويرضاها وليست مرادة كوناً لأنها لم تقع.

الثالث: ما تعلقت به الإرادة الكونية فقط وهو ما وقع من المعاصي، فهذه مرادة كوناً؛ لأنها وقعت وغير مرادة ديناً وشرعاً لأن الله لم يأمر بها ولم يرضها ولم يحبها.

الرابع: ما لم تتعلق به الإرادة الكونية ولا الشرعية، فهذا ما لم يكن ولم يقع من أنواع المعاصي (١) وهنا تبين أن لفظ الإرادة ينقسم إلى كونية وهي المشيئة وإرادة دينية وهي المحبة والرضى، وأن السلف فهموا الفرق بينهما ويدل على ذلك تنوع الإستدلال في التبويب والتصريح كما في كلام الإمام المروزي.


(١) مجموع الفتاوى ٨/ ١٨٩.

<<  <   >  >>