للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معهم في الأرض (١) ومثله قال ابن قتيبة رحمه الله: وأما قوله {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} فاطر ١٠، فكيف يصعد إليه شيء وهو معه؟ أو يرفع إليه عمل وهو عنده؟ وكيف تعرج الملائكة والروح إليه يوم القيامة؟ ولو أن هؤلاء - يعني منكرو العلو - رجعوا إلى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه لعلموا أن الله تعالى هو العلي وهو الأعلى وهو بالمكان الرفيع وان القلوب عند الذكر لتسموا نحوه والأيدي ترفع بالدعاء إليه ومن العلو يرجى الفرج ويتوقع النصر وينزل الرزق. (٢)

ونختم هذا المبحث بقصة الإمام الجويني المشهورة مع الهمذاني محمد بن الحسن الذي قال سمعت أبا المعالي الجويني وقد سئل عن قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} طه ٥، فقال: كان الله ولا عرش - وجعل يتخبط بالكلام - فقلت قد علمنا ما أشرت إليه فهل عندك للضرورات من حيلة؟ فقال: ما تريد بهذا القول وما تعني بهذه الإشارة؟ فقلت ما قال عارف قط يا رباه إلاّ قبل أن يتحرك لسأنه قام من باطنه قصد لا يلتفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوق فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة؟ فنبئنا نتخلص من الفوق والتحت - وبكيت وبكى الخلق - فضرب الأستاذ بكمه على السرير وصاح: يا للحيرة ونزل قال فسمعت أصحابه يقولون: سمعناه يقول حيرني الهمذاني (٣)

وحدث مثل هذا لابن تيمية وقد حكاه بقوله: ولقد كان عندي من هؤلاء النافين لهذا - يعني العلو والفوقية - من هو من مشايخهم وهو يطلب مني حاجة وأنا أخاطبه في هذا المذهب


(١) كتاب العرش لابن ابي شيبة ص ٥١
(٢) تأويل مختلف الحديث لابن قتيبية ص ٣٢٨
(٣) راوي هذه القصة بإسناده الذهبي في (العلو)
وقال الألباني في المختصر إسناد هذه القصة مسلسل بالحفاظ ص ٢٧٧

<<  <   >  >>