للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فان قيل: فإذا كان الأمر كما قررتم فكيف أنكر الإمام أحمد على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق وبدّعة ونسبه إلى التجهم، وهل كانت محنة ابي عبد الله البخاري إلاّ على ذلك حتى هجره أهل الحديث ونسبوه إلى القول بخلق القرآن.

قيل: معاذ الله أن يظن بأئمة الإسلام هذا الظن الفاسد، فقد صرح البخاري في كتابه (خلق أفعال العباد) (١) وفي آخر الجامع بان القرآن كلام الله غير مخلوق.

فخفي تفريق البخاري وتمييزه على جماعة من أهل السنة والحديث ولم يفهم بعضهم مراده (٢)، وهذا هو عين ما أشار إليه البخاري رحمه الله حاكياً ما نقل عنه أنه لم يفهم فقال: " ونحن على قول عمر حيث يقول: اني قائل مقالة قدر لي أن أقولها فمن عقلها ورعاها فليحدث بها حتى تنتهي به راحلته ومن خشي ألا يعيها فاني لا أحل له أن يكذب عليّ (٣)؛ والبخاري ميز في هذه المسألة وأشبعها رحمه الله وفرق بين ما قام بالرب وبين ما قام بالعبد وأوقع المخلوق على تلفظ العباد وأصواتهم وحركاتهم وإكسابهم ونفى اسم الخلق عن الملفوظ وهو القرآن الذي سمعه جبريل من الله وسمعه محمد - صلى الله عليه وسلم - من جبريل. (٤)

وسأعرض لتبويبه واستشهاده رحمه الله في هذه المسألة ووجه الاستشهاد والله المستعان.

فقال: باب قوله تعالى {فلا تجعلوا لله أنداداً} البقرة ٢٢ وقوله {ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لان أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من المشركين} الزمر ٦٥.


(١) انظره في مواضع من كتابه فقد ألفه لهذه المسألة خاصة
(٢) مختصر الصواعق ص ٤٢١ بتصرف
(٣) خلق افعال العباد ص ٧٧
(٤) مختصر الصواعق للموصلي ص ٤٢٢

<<  <   >  >>