للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن المنذر فيما نقله عنه الزركشي وابن قدامة: لا يثبت في الشاهدين في النكاح خبر ونقل تضعيف ابن عبد البر للحديث الذي يشترط الشاهدين (١)

ج

٢) لو كان ذلك شرطاً لبينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تقرر في علم الأصول أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز؛ ولا شك أن المسلمين محتاجون أشد الحاجة إلى بيان مثل هذا الشرط في أمرٍ يفعلونه في كل حين وزمان, وقد عقد المسلمون من عقود الزواج في عصره - صلى الله عليه وسلم - شيئاً كثيراً، يصعب حصره، وكذلك في عهد صحابته من بعده، فكيف لا يبين الله ولا رسوله ولا صحابته أن الشهادة شرط في هذا الأمر الذي تعم به البلوى، وتبطل بتركته العقود (٢).

٣) إن الذين يشترطون الشهود، مضطربون فيه اضطراباً يدل على فساد هذا الأصل، فليس لهم قول يثبت على معيار الشرع، إذ كان فيهم من يجوزه بشهادة فاسقين، ومنهم من لا يجوز ذلك. (٣)

٤) قياس عقد النكاح على عقد البيع، فإن البيع لا يلزم فيه إشهاد، مع أن الله تعالى قد ذكر الاشهاد فيه فقال: {وَأَشْهِدُوْا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} (٤) فالأمر هنا محمول على الاستحباب، وكذا نقول في عقد النكاح من باب الأولى، لأن الله ورسوله لم يبينا ضرورة الاشهاد فيه؛ ولهذا قال يزيد بن هارون (٥): مما يعاب به أهل الرأي أن الله أمر بالإشهاد في البيع، دون النكاح، وهم أمروا به في النكاح دون البيع، قال ابن تيمية: وهو كما قال (٦)

جج

لهذه الاعتبارات لم تكن الشهادة شرطاً عند أصحاب هذا القول، مع قولهم بضرورة إعلان النكاح، وأن لا يكون سراً.


(١) شرح الزركشي ٣/ ١١٧، مغني ابن قدامة ٩/ ٣٤٧،
(٢) أحكام الزواج ١٦٦, وانظر مجموع الفتاوى ٣٢/ ١٢٧ وما بعدها.
(٣) انظر المبسوط، م ٣ ج ٥ صـ ٣١، وانظر مقابل ذلك الأم للشافعي ٥/ ٣٥، والمغني لابن قدامة ٩/ ٣٤٩.
(٤) سورة البقرة الآية رقم ٢٨٢.
(٥) هو يزيد بن هارون بن زاذان الو اسطي السلمي، أبو خالد، أحد الأئمة روى عن شعبة والثوري، ومالك، والحما دين، وابن إسحاق، وخلق. وروى عنه أحمد، ويحيى، وإسحاق، وابن المديني، وخلق، .قال أحمد كان حافظاً متقناً صحيح الحديث. وقال ابن المديني: ما رأيت رجلاً قط أحفظ منه، مات في أول سنة ست ومائتين. انظر طبقات الحفاظ ١٤٨/ برقم ٢٨٦، جلال الدين السيوطي، ط، مكتبة الثقافة الدينية، شارع بور سعيد، بتحقيق، د/ علي محمد عمر، وانظر تقريب التهذيب ١/ ٦٠٦، برقم ٧٧٨٩.
(٦) انظر مجموع الفتاوى ٣٢/ ١٢٩.

<<  <   >  >>