للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عقد النكاح خالفها في تجاوزه عن المتعاقدين إلى ثالث، وهو الولد الغائب الذي يلزم حفظ نسبه في الشرع، فاحتاط الشارع لذلك باشتراط الشهادة على عقد النكاح. (١)

بعد هذه المناقشة والتي تبين من خلالها، متانة أدلة الفريق الأول، مقارنة بأدلة الفريق الثاني؛ والنظر في واقع الناس وأحوال المجتمعات، فإنه يترجح ـ والله أعلم ـ القول باشتراط الشهادة في عقد النكاح، لقوة أدلتهم مع الاعتبارات التالية:

أولاً: إنه قد صح الخبر في ذلك كما سبق، صححه عدد من أئمة الحديث، وأساطين العلم كابن حبان، والأوزاعي، والدارقطني، والألباني، بل قال الترمذي العمل عليه عند أهل العلم من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم لا يختلفون في ذلك، كما مر معنا.

بل وقال الشافعي ـ رحمه الله ـ وهو يتكلم عن حديث الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا يحل نكاح إلا بولي، وصداق، وشاهدي عدل " قال: وهذا وإن كان منقطعاً دون النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن أكثر أهل العلم يقولون به، ويقول: وهو الفرق بين النكاح والسفاح. (٢)

ثانياً: ثم إن في اشتراط الشهادة في عقد النكاح فوائد عديدة منها: ـ

١) إثبات النكاح عند العقد، وصيانة له عن الجحود, خصوصاً ونحن في زمنٍ تهاون فيه كثير من الناس في التقاء الخاطب بخطيبته قبل العقد، وأحياناً الخلوة، والخروج معها وقد يواقعها, مما استدعى الأمر معه إلى إثبات النكاح، عند العقد وليس عند الدخول.

٢) من المقرر عند الفقهاء إن الأصل في الأبضاع الحرمة، فإذا تعارض دليلان أحدهما موجب للحل، والأخر موجب للحرمة، رُجِّح الموجب للحرمة للأصل. (٣)


(١) الحاوي ٩/ ٥٨ بتصرف.
(٢) الحديث سبق تخريجه, أنظر سنن البيهقي كتاب النكاح ٧/ ٢٠٣
(٣) أنظر الأشباه والنظائر في فقه الحنفية / ٦٧، لابن نجيم الحنفي.

<<  <   >  >>