للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: قولهم بعدم وجود الدليل الصحيح، مدفوعٌ بأنه قد صحح بعض تلك النقول عدد من أئمة الحديث فمن ذلك.

أ) ابن حبان في صحيحه فإنه قال في حديث عائشة السابق: " ولا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر " (١)

ب) ذكر الدارقطني لحديث عائشة السابق، طرق، ومتابعات كثيرة، مما يدل على أن الحديث ثابت، حتى قال الألباني إن الحديث يرتقي بها إلى مرتبة الصحة. (٢)

ج) قال الترمذي وهو يتكلم عن حديث ابن عباس "البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة" قال: والعمل على هذا عند أهل العلم، من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومَن بعدهم من التابعين وغيرهم، قالوا: لا نكاح إلا بشهود، لم يختلفوا في ذلك من مضى منهم، إلا قوماً من المتأخرين من أهل العلم. (٣)

ثانياً: أما استدلالهم بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عند زواجه بصفية، فإنه يتجه القول عليه بأن ذلك من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - فكما أنه يجوز له الزواج بأكثر من أربع، فإنه يجوز له الزواج بغير شهود. (٤) لكثرة اختصاصه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب.

ثالثاً: أما عن فعل بعض الصحابة، وبعض التابعين بأنهم تزوجوا بغير شهود، فإن ذلك معارض بفعل، وقول، الأغلب الأكثر منهم، كما يفهم من كلام الترمذي السابق؛ وبهذا يكون قد اختلف القول بين الصحابة في ذلك، ويمكن ترجيح قول المثبت منهم، لكون معه زيادة علم، فيكون مقدم على النافي، ناهيك عن كثرة عدد المثبتين في ذلك. (٥)

رابعاً: أما قياسهم عقد النكاح على عقد البيع، فإن ذلك ممتنع لوجود النص الصحيح، كما سبق ثم إنه قياس مع الفارق، وذلك أن عقود البيع ترجع بآثارها فقط على المتابعين؛ لكنَّ


(١) صحيح ابن حبان كتاب النكاح ٩/ ٣٨٦.
(٢) سنن الدارقطني كتاب النكاح م ٢ جزء ٣/ ٢٢٠ وما بعدها إلى ٢٢٧، وإرواء الغليل م ٦/ ٢٥٨ ـ ٢٥٩ برقم ١٨٥٨.
(٣) سن الترمذي كتاب النكاح ٣/ ٤١٢.
(٤) شرح الزركشي على متن الخرقي ٣/ ١١٧، والمغني ٩/ ٣٤٨.
(٥) انظر البرهان في أصول الفقه ٢/ ٧٨٠ مسأله برقم ١٢٥٠، لإمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، المتوفى ٤٧٨ هـ، ط، دار الوفاء، مصر، الطبعة الثالثة، تأريخ الطبع ١٤٢٠ هـ ١٩٩٩ م. وروضة الناظر وجنة المناظر ٢/ ٤٦١، لشيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي الدمشقي، ط، دار النشر مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الثانية، تأريخ الطبع ١٤٠٤ هـ ١٩٨٤ م، وانظر كذلك إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول ١/ ٤٦٠ ـ ٤٦٤, للإمام العلامة الفقيه المجتهد محمد بن علي بن محمد الشوكاني، المتوفى ١٢٥٠ هـ، ط، دار الفكر، بيروت، لبنان، الطبعة السابعة، تأريخ الطبع ١٤١٧ هـ، ١٩٩٧ م.

<<  <   >  >>