للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن ابن العربي (١) رحمه الله تعالى, نقل عن الإمام مالك، عدم الجواز إذا كان يؤقته بالنية، ثم علق قائلاً: " وأجازه سائر العلماء " ثم قال: "وعندي أن النية لا تؤثر في ذلك". (٢) فيكون هذا النقل عن الإمام مالك يناقض النقل الأول, لكن الأغلب في النقول تدلنا على أنه كان يجوز هذا النوع من النكاح, فقد روى اللخمي (٣) عن مالك أيضاً, قوله: "فمن نكح لغربة أو لهوى, ليقضي أربه ويفارق فلا بأس " (٤)

وقد قال ابن القاسم: وهو مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم، مما علمنا، أو سمعنا قال: وهو عندنا نكاح ثابت، الذي يتزوج يريد أن يبر في يمينه، وهو بمنزلة من يتزوج المرأة للذة يريد أن يصيب منها، لا يريد حبسها، ولا ينوي ذلك، على ذلك نيته، وإضماره في تزويجها، فأمرهم واحد فان شاءا أن يقيما أقاما، لأن أصل النكاح حلال؛ وفي الكافي الذي يقدم البلدة فيتزوج المرأة، ومن نيته أن يطلقها بعد السفر أن قول الجمهور جوازه. (٥)

بل قد بالغ القاضي عياض (٦) ـ رحمه الله تعالى ـ فقال: " وأجمعوا على أن من نكح نكاحاً مطلقاً، ونيته أن لا يمكث معها إلا مدة نواها, فنكاحه صحيح, حلال وليس نكاح متعة, وإنما نكاح المتعة ما وقع بالشرط المذكور". (٧)

ولا شك أن في نقل الإجماع نظر, بل إن الخلاف وارد على مدار واسع، بين الفقهاء, من أصحاب المذاهب وغيرهم, كما سنعرف.


(١) هو الإمام الحافظ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن العربي الأندلسي الإشبيلي، مالكي المذهب، كان يقال إنه ممن بلغ رتبة الاجتهاد، وكان رئيساً محتشماً، وافر الأموال، أنشأ على إشبيلية سوراً من ماله، من مصنفاته: عارضة الأحوذي، وأحكام القرآن، والأصناف في الفقه، ولد سنة ٤٦٨ هـ، وتوفي سنة ٥٤٣ هـ. انظر سير أعلام النبلاء ٢٠/ ١٩٧، ... وما بعدها.
(٢) الموافقات في أصول الشريعة ١\ ١٨٢
(٣) هو علي بن محمد الربعي، أبو الحسن، المعروف باللخمي: فقيه مالكي، توفي سنة ٤٧٨ هـ، له معرفة بالادب والحديث، قيرواني الاصل. نزل سفاقس وتوفي بها. صنف كتبا مفيدة، من أحسنها تعليق كبير على المدونة في فقه المالكية، سماه " التبصرة " أورد فيه آراء خرج بها عن المذهب. وله " فضائل الشام - بدار الكتب، ألفه سنة ٤٣٥ هـ انظر كتاب الأعلام ٤/ ٣٢٨.
(٤) المصدر السابق ١\ ١٨٣
(٥) المصدر السابق ١\ ١٨٢
(٦) هو القاضي عياض بن موسى بن عياض بن عمر بن موسى بن عياض العلامة عالم المغرب أبو الفضل اليحصبي السبتي الحافظ. ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة. أجاز له أبو علي الغساني. وتفقه وصنف التصانيف التي سارت بها الركبان كالشفاء وطبقات المالكية وشرح مسلم والمشارق في الغريب وشرح حديث أم زرع والتاريخ وغيرذلك. وكان إمام أهل الحديث في وقته وأعلم الناس بعلومه وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم. وولي قضاء سبتة ثم غرناطة. مات ليلة الجمعة سنة أربع وأربعين وخمسمائة بمراكش. انظر طبقات الحفاظ، ١/ ٤٩٢ برقم ١٠٥٠، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي، بتحقيق د/ علي محمد عمر ط، مكتبة الثقافة الدينية، شارع أبو سعيد الظاهر.
(٧) صحيح مسلم بشرح النووي م ٥\ج ٩\ ١٧٠

<<  <   >  >>