والأصحاب قالوا: هو جواب على أن النذر كواجب الشرع كما هو الصحيح، أما إذا قلنا: إنه كجائزه، فيجوز على الراحلة كما في النفل.
ثم قال: وفي ((الرافعي)) حكاية وجه آخر: أنه إن أوجبها بالأرض لا يصليها على الراحلة، وإن أوجبها وهو راكب أجزأه فعلها على الدابة. انتهى.
وحكاية هذا الوجه غلط، وعزوه إلى الرافعي غلط- أيضًا- فإن الرافعي إنما نقله عن الكرخي من أصحاب أبي حنيفة، ولهذا قال: ولك أن تعلم المسألة بالحاء. فتوهم المصنف أنه الكرخي الشافعي، ذاهلًا عما قاله الرافعي بعده، فأثبته وجهًا.
قوله: ومنها- أي: ومن الصلوات التي دل كلام الشيخ على أنه لا يجوز فعلها على الراحلة-: ركعتا الطواف، وذلك ظاهر إذا قلنا: إنهما فرض، أما إذا قلنا: إنهما: سنة، فقد قال الرافعي والمتولي والفوراني: إنه يجوز فعلهما على الراحلة. والذي رأيته لغيرهم: أنه لا يجوز- أيضًا- لفقد السير حال الإتيان بهما مع كونه في البلد، والأصحاب متفقون على أنه لا يجوز للمسافر وهو في البلد أن ينتقل على الدابة في حال سكونه. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الذي ذكره في تقرير المنع من فقدان السير عجيب جدًا، فإن ركعتي الطواف لا يشترط فعلهما في مكة، بل يجوز فعلهما فيما شاء من الأمكنة أو الأزمنة، كما صرح به هو وغيره في كتاب الحج، فقول من قال: إنه لا يجوز وهو في البلد، صحيح، وذلك لفقدان السير، وقول الرافعي وغيره: إنه يجوز إذا كان مسافرًا، صحيح- أيضًا- فتخيله أن ذلك اختلاف، عجيب جدًا، وقد جزم في ((شرح المهذب)) بالجواز على القول بالنفلية مع اطلاعه وتتبعه للخلاف.
الأمر الثاني: أن ما ادعاه من عدم الخلاف في حال السكون عجيب- أيضًا- فقد ذكر هو قبل ذلك بدون الورقة ما يخالفه فقال: أما إذا لم يكن المقيم سائرًا فقد افهم كلام بعضهم أنه لا يجوز بلا خلاف على مذهب الإصطخري، وكلام الإمام كالصريح في أنه لا يشترط على هذا المذهب أن يكون سائرًا، كما لا يشترط ذلك في المسح على الخف يومًا وليلة في الحضر، وإن كان الترخص بالمسح شرع، إعانة للسائر على مقاصده.
قوله: قال بعضهم: إنما صحت صلاة الصف الطويل، لأنه لم يتعين الخارج منه عن السمت. وإلى هذا يميل كلام ابن الصباغ، لأنه قال- بعد حكاية صحة صلاة