العصر هي الثانية من صلاتي جميع النهار، كما أن العشاء هي الثانية من صلاتي جميع الليل. انتهى كلامه.
وما ذكره في العصر مخالف لمذهبنا، فإن مذهبنا أنها ثالثة، إذ النهار عندنا من الفجر.
قوله: فإن قيل: هذا يعارضه ما روي عن مروان بن الحكم قال: قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بطوال الطويلتين؟ قال: قلت: ما طوال الطويلتين؟ قال الأعراف. أخرجه أبو داود والبخاري مختصرًا. انتهى كلامه.
وتعبيره بقوله: طوال الطويلتين، غلط منه في الموضعين، وكيف يتصور أن يكون في السورتين الطويلتين سور طوال، بل صوابه- وهو المذكور في الحديث-: ((طولى)) على وزن ((فعلى)) بضم الأول، وهو ((أفعل)) تفضيل تأنيث ((الأطول)) من ((الطويلتين))، قال ابن أبي مليكة والطويلتان: الأعراف والمائدة.
قوله: ولو قدر على من يلقنه الفاتحة في الصلاة، قال القاضي الحسين في ((فتاويه)): لا يجب عليه ذلك، وله أن ينتقل إلى البدل. انتهى كلامه.
وحاصله: أن القاضي يقول: لا يجب على المصلي أن يتلقن، وليس كذلك، فإن الذي دلت عليه عبارة القاضي إنما هو عدم وجوب تلقين الحافظ للمصلي، فقال ما نصه: مسألة: إذا كان لا يحسن الفاتحة، فشرع في الصلاة، فجاء رجل، فجعل يلقنه الفاتحة حرفًا حرفًا، فصلى- صحت صلاته، ولكن لا يلزم ذلك، فلو صلى بالبدل يجوز. هذه عبارته، وعوده إلى الحافظ أسرع إلى الفهم وأقرب إلى مدلول اللفظ وإلى القياس، فكيف يتصور أن يقول قائل: لا تجب على المصلي القراءة إذا أجاب الحافظ إلى التلقين، مع أنه قادر على أداء الفرض بالفاتحة؟! وبالجملة فهو غير ما ذكره المصنف لو فرضنا صحة التزامه.
قوله: وإذا كان يحسن آية ففيه قولان:
أحدهما: يقرؤها، ثم يضيف إليها من الذكر ما يتم به قدر الفاتحة.
والثاني: يكرر ذلك سبعًا.
واستدل ابن الصباغ للأول بما رواه أبو داود قال جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئًا من القرآن فعلمني ما يجزئني في صلاتي، فقال:((قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إليه إلا الله، والله أكبر))، قال: هذا لله، فما لي؟