للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ((تقول: اللهم، اغفر لي، وارحمني، وارزقني، واهدني، وعافني) قال: وفي هذا الذكر: ((الحمد لله) ولا يتعذر عليه أن يقول: رب العالمين، ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بتكريرها.

قلت: وفي هذا الاستدلال نظر من وجهين، أحدهما: أن المأمور به في الخبر بعض آية، والنزاع إنما هو فيما إذا كان يحسن آية، وما دونها لا يجب عليه أن يأتي به، إذ لا إعجاز فيه. انتهى كلامه.

وهذا الرد الذي ذكره ذهول عجيب وغفلة، فإن ابن الصباغ قد دفع هذا بقوله: ولا يتعذر عليه أن يقول: رب العالمين. يعني أن من كان يحفظ هذا الذكر إذا لقنه لا يتعذر عليه حفظ باقي الآية بالضرورة، وهو: رب العالمين.

قوله: ثم اختلفوا، فقال البغوي: لا يشترط الترتيب بين البدل والأصل، وكيفما قرأ جاز. وقال القاضي الحسين والمتولي والأئمة- كما قال الإمام-: إنه إن كان يحسنها من الفاتحة وجب الترتيب، فإن كانت أول الفاتحة أتى بها، ثم بالذكر، وإن كانت من آخرها أتى بالذكر ثم بها، وإن كانت في وسطها أتى بالذكر أولًا عما قبلها ثم بها، ثم بالذكر عن الباقي. قلت: وعلى هذا لو كان يحسن الآية من غير الفاتحة ينبغي أن ينظر في عدد حروفها إذا قلنا باعتبار عدد الحروف، فإن وافقت آية من أول الفاتحة أو وسطها أو آخرها قدرناها بدلها، وأتى بالذكر بدلًا عما بقي، وإن لم تكن حروفها قدر حروف آية منها بل أقل فيظهر أن يتخير في تقديم الذكر وتأخيره، ويجوز أن يتعين تقديم الآية، لأنها أقرب إلى الأصل. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما نقله عن البغوي من ذهابه إلى عدم وجوب الترتيب غلط، فإن البغوي حكاه وجهًا ضعيفًا، وصحح وجوب الترتيب فقال: وإن كان يحسن النصف الأول من الفاتحة فيقرؤه، ثم يأتي بالبدل عن النصف الثاني، وإن كان يحسن النصف الثاني فيأتي عن النصف الأول بالبدل، ثم يقرأ النصف الثاني مراعاة للترتيب، وقيل: لا يجب الترتيب بين البدل والأصل. هذه عبارته في ((التهذيب)).

الأمر الثاني: أن ما ذكره في آخر كلامه بحثًا غير مستقيم، بل الصواب الجاري على القواعد أنه يتعين البداءة بقراءة الآية، لأنها أصل حقيقة بالنسبة إلى الذكر، والقاعدة: أن الأصل إذا لم يكف لا ينتقل إلى البدل إلا بعد إكمال ما قدر عليه من الأصل، بدليل القدرة على بعض الماء، وقدرة المضطر على لقمة من الحلال، فإنه لا

<<  <   >  >>