الرافعي في آخر عقد الذمة من جملة مسائل منقولًا أكثرها عن ((الحاوي)) للماوردي، وعبر بقوله: يؤخذ على أهل الذمة أن يخفوا دفن موتاهم، وألا يخرجوا جنائزهم ظاهرة. هذه عبارته من غير زيادة عليها. واعلم أن الماوردي في ((الحاوي)) لما ذكر المسألة حكى وجهين في وجوب ذلك بالشرط.
قوله: وكيفية ذلك: أن يوضع رأس الميت- وهو في التابوت- عند الموضع الذي يكون فيه رجلاه في القبر، ثم يسل من قبل رأسه سلًا، وينزل إلى القبر على رأسه، ويستحب أن يدنى في اللحد من مقدمه، كي لا ينكب على وجهه. انتهى كلامه.
ومراده بالكلام الأخير ما ذكره الأصحاب من استحباب تقريب وجه الميت وباقي بدنه إلى جدار اللحد، حتى لا ينقلب على وجهه. وقوله: يدنى، هو بالنون. ومقدمه: هو الجدار الذي يلي وجه الميت.
قوله: ويكره أن يجعل تحت رأسه مخدة، أو تحته مضربة، وقال في ((التهذيب)): لا بأس به، إذ روى ابن عباس ((أنه جعل في قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطيفة حمراء)) أخرجه مسلم. انتهى.
وما اقتضاه نقله عن ((التهذيب)) من المخالفة في المخدة والمضربة، سهو أوقعه فيه الرافعي كما أوضحته في ((المهمات))، فإن البغوي إنما ذكر ذلك في المضربة خاصة، فإنه قال: ويجعل تحت رأسه لبنة، ولا بأس أن يبسط تحت جنبه شيء. هذه عبارته.
واعلم أن تعبيره بـ ((جعل))، هو بضم الجيم على البناء للمفعول، فإن ابن عباس راو له لا جاعل، بل الجاعل له إنما هو شقران مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلله بقوله: ((حتى لا يلبسها أحد بعده)).
قوله: ويحثي عليه كل من حضر الدفن ثلاث حثيات بيديه جميعًا. انتهى.
وتعبيره بـ ((من حضر الدفن))، مخالف لكلامهم، فقد عبر الرافعي والنووي بقولهما: ويحثي من دنا. وعبر في ((شرح المهذب)) بقوله: من على القبر. وعبارة الشيخ في ((المهذب)) وغيره: لمن على شفيره.
ثم إن تعبير المصنف هاهنا تعبير ركيك فتأمل كلامه إلى آخره.
قوله: وتسطيح القبر أفضل من تسنيمه، فإن قيل قد روى أن رجلًا رأى قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر مسنمة، قيل: راوي هذا الخبر مجهول، ولا حجة عندنا في المراسيل. انتهى كلامه.
وما ذكره من رد هذا الخبر، وتعبيره بقوله: روي، وتعليله بجهالة راويه- عجيب،