اللهم صل على سيدنا محمد، وآله وسلم تسليمًا كثيرًا، اللهم إنا نحمدك على الهداية إلى ما شرعته، ونسألك القيام بالكفاية لما أودعته، ودوام الرعاية لما استرعيته، ونضرع إليك في الصلاة والسلام سرمدًا على سيدنا محمد المعصوم في القول والعمل، المحفوظ من الزيغ والزلل، وعلى آله وأصحابه تسليمًا كثيرًا، وبعد.
فإن كتاب:((الكفاية في شرح التنبيه)) للشيخ الإمام العلامة نجم الدين أبي العباس أحمد بن الرفعة الأنصاري- رضي الله عنه- لما برز للنواظر في قشيب جموعه رافلًا، وسطع لذوي البصائر وإن كان نجم سمائه آفلًا، اتخذه النقلة المكثرون عمدة، والنقدة المتحرون عدة، وهو حقيق بذلك، وجدير بما هنالك، إذ نهض فيه وسعى، وجمع فأوعى، وأطال واستطال، وأوسع المحال وصال، ونظر فحقق، وناقش فدقق ورجح فوضح، وجرح فأوضح، وكيف لا ولم يخرج من إقليم ((مصر)) بعد انقراض ابن الحداد- فيما علمناه- من الفقهاء من يساويه، ولا من بقية الأمصار بعد الرافعي من يضاهيه؟!
ومن تأمل ما صنفه وجده أكثر مما صنف الشيخ محيي الدين، هذا مع ما بينهما أيضًا من التباين في دقة الأعمال وغموضها، إلا أن الكتاب المذكور مع ذلك يشتمل على جملة عظيمة من الأوهام، وما يقارب الوهم من الإطلاق والإيهام، وارتكاب دعوى نفي الخلاف وهو ثابت مستور [؟ مسطور]، أو التوقف في نقله وهو منقول، بل مشهور، حتى اتفق من الغريب وقوع الاعتراض عليه بسبب ذلك في أول شيء افتتح به كتابه وفي آخر شيء ختمه به- كما ستقف عليه- إن شاء الله تعالى- وقد وقع لي هذا النوع الغريب في ثلاثة تصانيف مما صنفته على هذا الأسلوب:
أحدهما:((المهمات في شرح الرافعي، والروضة))، وهو الكتاب الذي يتعين تحصيله على كل شافعي، خصوصًا القضاة، والمفتين، والمدرسين، وقد من الله سبحانه وتعالى وله الفضل بتمامه.