ثانيها:((التنقيح))، وهو الكتاب المشهور، الكثير الفوائد على صغر حجمه، الموضوع للاستدراك على تصحيح ((التنبيه)) للنووي.
ثالثها: ما ذكرت، وهو هذا الكتاب.
فلما رأيت الكتاب المذكور قد اتصف بما وصفناه، وائتلف كما ذكرناه، رأيت من النصح أن أنبه على ما حصل لديه من الغلطات، وأنوه بما احتمله من السقطات، ليجتنب الناظر التعويل عليها، ويتحامى المناظر الركون إليها، وذلك في الحقيقة من صلاح حال الكتاب من غير نقصان في مرتبة مصنفة بالكلية، إذ لا يتصور عادة- خصوصًا مع طول التصنيف- أن يسلم المصنف من الخطأ، والتحريف، والوقوع في مخالفة الأولى، والحود عن الطريقة المثلى، فكل مأخوذ من قوله ومتروك، ألا والسعيد من انعدت غلطاته، وانحسرت سقطاته، وقيد له من تدارك زلله وأصلح خلله، وعزمت- إن شاء الله تعالى- أن أكمل هذا الأمر المهم بفائدة يعظم وقعها، ويكثر نفعها مع قلة حجمها، ونظمها وهو ضبط ما يخشى تحريفه من الأسماء واللغات الواقعة فيه، وتفسير ما يحتاج إلى التفسير منها، فلما شرح الله- تعالى- لذلك صدري، ويسر له أمري جمعت ما حضرني من ذلك، وتيسر لي مما هنالك وسميته:((الهداية إلى أوهام الكفاية))، والله هو المسئول أن يوفقنا إلى الصواب فيه وفي سائر أحوالنا، وينفع به بمنه وكرمه.
وقد ولد المصنف- رحمه الله- بمدينة مصر سنة خمس وأربعين وستمائة.
وتوفي بها في الثاني عشر من رجب سنة عشر وسبعمائة، وقد أوضحت حاله مبسوطًا في كتاب ((الطبقات)) التي جمعت فيها فأوعيت، ودعوت فأسمعت- رضي الله عنه وأرضاه- وحشرنا وإياه في دار كرامته ومستقر ورحمته، وغفر لنا ولوالدينا ومشايخنا وجميع المسلمين بمنه وكرمه.