الأمر الثالث: أن تعليل ترك الإحرام واللبس بالخوف كيف يجتمع مع قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة:٦٧]؟! وفي الحديث:((لما نزلت هذه الآية ترك الحرس)).
قوله: وقد حكى في ((البحر)) عن والده فيما إذا كان قد وجد الزاد والراحلة في حال ردته، ثم أسلم ومات في الحال: هل يقضي عنه أم لا؟ فيه قولان، بناء على أن الردة تزيل الملك أم لا: فإن قلنا: تزيله، لا يلزمه الحج، لأن ملكه زال عن الزاد والراحلة قبل استقرار الحج عليه، وهما شرطان في الوجوب، فصار كزوال الملك بالتلف. وإن قلنا: لا تزيل الملك، لزمه. انتهى كلامه.
وهذا التصوير الذي نقله- رحمه الله- عن ((البحر)) مخالف للمذكور فيه، فإن صاحب ((البحر)) قال ما نصه: فرع: قال والدي- رحمه الله-: إذا ارتد الرجل بعدما وجد الزاد والراحلة وقبل إمكان الأداء، ومضى وقت الحج في الردة: هل يلزمه الحج حتى إذا أسلم ومات في الحال هل يقضى عنه أم لا؟ فيه قولان، بناء على أن الردة تزيل الملك أم لا. هذا لفظه ذكره في أواخر الحج، قبيل باب قتل المحرم للصيد.
قوله: وإن أحرم- أي: المميز- بغير إذن الولي، وصححناه- قال الرافعي: فالزائد على نفقة الحضر يكون على الولي إن لم يحلله. انتهى كلامه.
لم يصرح الرافعي بأنه على الولي، فإنه عبر بقوله: إذا أحرم بغير إذنه وجوزناه حلله، فإن لم يفعل أنفق عليه. هذه عبارته، ولم يبين هل ينفق من ماله أو مال الولي.
قوله: فرع: لو أراد المولى أن يحرم عن العبد، قال الإمام: إن كان بالغًا فليس له ذلك، وهو يحرم عن نفسه. وسكت عن العبد الصغير، والقياس: أن يكون الحكم فيه كما في تزويجه. انتهى.
وقد رأيت في ((الأم)) الجزم بالصحة، فقال في أول كتاب الحج: وإذا أذن للمملوك بالحج، أو أحجه سيده- كان حجه تطوعًا. هذا لفظ الشافعي، ومن ((الأم)) نقلته، وأقل مراتبه حمله على الصغير، والتخريج على النكاح مردود، فإن هذا فيه ثواب وتمرين على العبادة من غير لزوم مال، ولهذا جوزناه للوصي والحاكم، بخلاف الإجبار على التزويج.
قوله- في شروط الاستطاعة-: وأن يكون ذلك فاضلًا عما يحتاج إليه من مسكن وخادم، وقيل: يباعان، وفرقوا بينه وبين الكفارة: بأن العتق في الكفارة له بدلٌ معدول إليه، بخلاف الحج، لكن الذي أورده الأكثرون: الأول. انتهى كلامه.