ثم قال: الثاني: أن الحامل لو نوى الطواف عن المحمول لم يجر القولان، ولأجل ذلك قال النووي في ((التصحيح)): إن الحامل إذا نواه للمحمول وقع عنه.
وهذا صحيح إن كان في طواف القدوم أو في طواف متطوع به، أما إذا كان في طواف الفرض فلا، لما ستعرفه. انتهى.
ومستند تفصيله بين طواف القدوم وطواف الفرض: أن طواف القدوم يحتاج إلى النية، فإذا صرفه الحامل إلى المحمول انصرف إليه، ولا يجئ فيه القولان، وأما طواف الإفاضة فإن في احتياجه إلى النية وانصرافه بالصرف خلافًا، فيجيء القولان كذلك، إذا علمت ما قلناه ففي كلامه أمور:
أحدها: أن استدلاله بكلام ((التصحيح)) على تقوية ما أفهمه كلام الشيخ من عدم جريان القولين، استدلال عجيب، فإن النووي في ((التصحيح)) قد ساق هذه المسألة مساقًا ينصب عليه لفظ الأصح، ولاسيما أن عادته فيه أنه إن أثبت الخلاف عبر بـ ((الأصح)) ونحوه، وإن نفاه عبر بـ ((الصواب)).
الثاني: أن هذا الكلام منه يقتضي الجزم بأن طواف القدوم يحتاج إلى النية، وليس كذلك، فإن كلام الشيخ مقتض لإثبات الخلاف، وإلحاقه بطواف الإفاضة، على ما نبه عليه هو- أعني ابن الرفعة- ونقل عن الشيخ أبي حامد وغيره ما يوافقه- أيضًا- ولم ينقل الجزم بالوجوب إلا عن إشارة وقعت في كلام ابن يونس، وحينئذ فيمشي كلام الشيخ هنا وهناك على طريقة واحدة، ويكون ما أفهمه كلامه هنا موافقًا لما أفهمه هناك، بل كلام المصنف يقتضي شهرة القول به، فإنه قال هناك: وطواف القدوم يحتمل إجراء الوجهين فيه كما يشعر به إيراد الشيخ وسياق كلامه، لأنه من سننه الداخلة في العبادة، بل قال المرني: إنه نسك فيه حتى يجب بتركه الدم، وإذا كان من سننه كانت النية منسحبة عليه، لكن في ((ابن يونس)) ما يفهم الجزم باشتراط النية فيه. هذا كلامه [أو].
قوله- أيضًا في المسألة-: ويجوز أن يكون قوله: ونويا جميعًا، أي: نويا الطواف عن المحمول، فإن فيه قولين حكاهما الفوراني وغيره: أحدهما: أنه يقع عن الحامل، والثاني: أنه يقع عن المحمول، وهو الأصح، وفيه قول ثالث: أنه يقع عنهما، حكاه النووي في ((المناسك)). انتهى كلامه.
وما نسبه إلى ((المناسك)) من حكاية الثالث فغلط، إنما حكاه وجهًا منضمًا إلى وجهين آخرين.