قوله: نعم، قال الإمام تبعًا للقاضي الحسين: إنه لو خلف من الحجر مقدار الستة الأذرع على رأيه، واستظهر ثم اقتحم في طوافه الجدار وراء ذلك، وتخطى الحجر على هذا السمت- اعتد بطوافه، وإن كان ما جاء به مكروهًا. انتهى.
وما اقتضاه كلامه من إسناده الإجزاء والكراهة إلى القاضي الحسين صحيح بالنسبة إلى الإجزاء خاصة، وأما الكراهة فلم يتعرض لها بالكلية، بل ولا حكم بعدم الاستحباب، فضلًا عن الكراهة.
قوله: وإن طاف من غير نية فقد قيل: يصح، لأن نية الحج تأتي عليه كما تأتي على الوقوف، وهذا ما صححه النووي، وقيل: لا يصح، لأنه عبادة تفتقر إلى السير فافتقرت إلى النية كركعتي المقام، وحكى في ((الوسيط)) وجهًا ثالثًا: أنه يجزئ، إلا إذا صرفه إلى طلب غريم وقصد آخر، وهذا من تخريج الإمام، وجزم به القاضي أبو الطيب. انتهى كلامه.
وما نقله- رحمه الله- عن النووي من تصحيح الأول غلط، بل إنما صحح في كتبه كلها الوجه الثالث، وسبب وقوع هذا الغلط: أن النووي صحح- أولًا- أن النية لا تجب، وأطلق، ثم أفرد الصرف بمسألة أخرى وذكرها عقبها، وصحح فيها عدم الإجزاء، فوقف المصنف على كلامه الأول، وغفل عن الأخير.
قوله: قال الماوردي: ويستحب له بعد استلام الركن وقبل خروجه- أي: إلى المسعى- أن يقف في الملتزم، ويدعو عنده، لأنه- عليه الصلاة والسلام- فعله، وأن يدخل الحجر ويدعو تحت الميزاب، لقوله- عليه الصلاة والسلام-: ((ما من أحد يدعو تحت الميزاب إلا استجيب له)).
ثم قال: وقال ابن الصلاح: ظاهر الحديث الصحيح يدل على أن هذا مما لا ينبغي أن يشتغل به عقب الطواف الذي يستعقب السعي، بل يخرج إلى السعي، ويؤخر ذلك إلى أوان آخر. انتهى كلامه.
وما نقله عن الماودري من أنه يستحب ذلك بعد الطواف المستعقب للسعي قبل خروجه إلى السع، فغلط، فإن الماوردي لم يصرح باستحبابه بعد هذا الطواف، كما نقله عنه المصنف، وإنما ذكر أنه يستحب ذلك بعد الطواف، وأطلق، وحمله- على ما أشار ابن الصلاح- على استحبابه لا دافع له لو اقتصر عليه، لاسيما أنه بعد ذكره لهذا الكلام ذكر ما يعين ما قلناه، فقال: فصل: فإذا ثبت أن تقدم الطواف شرط في صحة السعي، ففرغ من طوافه، وعاد إلى استلام الحجر بعد صلاته- خرج من باب