قوله: وقد اقتضى كلام الشيخ هنا وفي ((المهذب)): أن الإفاضة لأجل الطواف تكون بعد الخطبة التي ذكر أنها تشرع بعد الظهر، وهو ما دل عليه كلام ابن الصباغ حيث قال: يستحب أن يخطب الإمام يوم النحر بعد صلاة بمنى، فيعلم الناس الذبح والرمي والمصير إلى طواف الإفاضة، وذلك وجه يحكى في ((تعليق)) القاضي أبي الطيب.
ثم قال: لكن في ((الأم)) أنه يطوف قبل الزوال. وقال القاضي في الكلام على الجبران: إنه الصحيح. ولم يذكر القاضي الحسين والغزالي والرافعي غيره، واختار القاضي أبو الطيب وجهًا ثالثًا في المسألة، فقال: إن كان الزمان صيفًا عجل الإفاضة في أول النهار لاتساعه، وإن كان شتاء أخرها لقصر النهار. انتهى. وما ذكره- رحمه الله- في أول كلامه من دلالة كلام ابن الصباغ على أنها بعد الزوال عجيب وغفلة، فإنه كما يعلمهم النحر والرمي- وإن كان يستحب قبل الزوال، لاحتمال تركهما- كذلك أيضًا يعلمهم المسير إلى مكة وإن كانت مستحبة قبل الزوال، لاحتمال ذلك.
قوله: وأما آخر وقته- يعني رمي جمرة العقبة- فقال القاضي الحسين والماوردي وغيرهما: إنه غروب الشمس من يوم النحر. وفي ((النهاية)) وجه: أنه يمتد إلى طلوع الفجر، والصحيح: الأول.
ثم قال ما نصه: ولك أن تقول: سيأتي أن الصحيح فيما إذا أخر هذا الرمي إلى اليوم الأول أو الثاني أو الثالث من أيام التشريق وقع أداء، وهذا يدل على أن الوقت لا يخرج بما ذكر، ويجوز أن يقال: المراد بخروج الوقت هنا خروج وقت الاختيار، وما سيأتي المراد به بيان وقت الجواز، وحينئذ يكون للرمي ثلاثة أوقات: وقت فضيلة: وهو بعد طلوع الشمس إلى الزوال، ووقت اختيار وهو من الزوال إلى الغروب، ووقت جواز وهو إلى آخر أيام التشريق. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذا الكلام صريح في أن الأصح جواز تأخير رمي يوم إلى يوم، لكنه قد صرح بعد ذلك بتصحيح المنع، وعبر بلفظ ((الصحيح))، ذكر ذلك في الكلام على أهل السقاية في أثناء شرحه لقول الشيخ: فيرموا يومًا ويدعوا يومًا.
الأمر الثاني: أنه إذا ترك رمي يوم من أيام التشريق فإن الأصح: أنه يتداركه في باقي الأيام، ويكون أداء، هكذا قاله الرافعي وغيره، ويؤخذ منه جواز التأخير، وسيأتي ذكر ذلك في كلام المصنف واضحًا صحيحًا، وأما دعواه هنا أن ذلك سيأتي- أيضًا- في