للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جمرة العقبة فدعوى غير صحيحة كما ستعرفه، إن شاء الله تعالى.

قوله: وما ذكره الشيخ- أي: من جواز تأخير طواف الإفاضة عن يوم النحر- هو الذي أورده الجمهور، وقد حكى ابن التلمساني: أنه لا يجوز له أن يخرج من مكة حتى يطوف.

ثم قال: قلت: والذي يظهر لي أن أقول من قال: إنه يجوز له تأخير الطواف إلى آخر العمر، ليس على إطلاقه، بل هو محمول على ما إذا كان قد تحلل التحلل الأول، أما إذا لم يكن قد تحلل التحلل الأول فلا يجوز له تأخيره وتأخير ما يحصل به التحلل الأول إلى آخر العمر، بل لا يجوز تأخيره إلى العام القابل، لأنه يصير محرمًا بالحج في غير أشهره، وسنذكر مادة ذلك في باب الفوات والإحصار عن الماوردي. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما اقتضاه كلامه من أن ما قاله التلمساني وجه مخالف للجمهور فليس بصحيح، لأن طواف الوداع واجب، ومتى طاف للوداع وقع عن الفرض، فأشار ابن التلمساني إلى هذا، وقد صرح به غيره، وهو معنى ما في ((الرافعي) فإنه قال: وأما الحلق والطواف فلا يتأقت آخرهما، لكن لا ينبغي أ، يخرج من مكة حتى يطوف، فإن طاف للوداع وخرج وقع عن الزيارة. هذا لفظه.

الأمر الثاني: أن هذا البحث الذ ذكره فاسد، لأنه إن كان المراد بمصيره محرمًا في غير أشهر الحج هو إنشاء للإحرام فانتفاؤه معلوم، وإن أراد استدامته فلزوم حصوله مسلم، وليس يمتنع إجماعًا، فإن أشهر الحج قد انقضت بطلوع الفجر من يوم النحر، ولا يجب عليه تقديم أسباب التحلل على الفجر، بل الأفضل تأخيرها عنه.

قوله: فإن قلنا: إن الحلق نسك، حصل له التحلل الأول باثنين من ثلاثة، وهي الحلق والرمي والطواف، لما روى أبو داود عن عائشة قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء))، وفي كتب الفقهاء أنه قال ((إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب واللباس)).

فيه تعرض إلى لخصلة واحدة، وأما اشتراط خصلتين في حضور التحلل الأول- كما يقولونه- فالحديث الدال عليه ليس مذكورًا في كتب الحديث، بل في كتب الفقهاء، وما أشار إليه من أنه لا أصل له في كتب الحديث ليس كذلك، فقد روى الدارقطني الحديث المذكور عن عائشة من ثلاث طرق، وفي كل منها ذكر الرمي

<<  <   >  >>