للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا الحكم في المرأة إذا حاضت أو نفست، قاله الرافعي، واستدل له بحديث صفوان، وفيه نظر، لأن حديث صفوان يدل على أن المسح على الخف لا يقوم مقام غسل الرجلين في الجنابة، لا أنه تبطل مدة المسح. نعم، إن كان لا يتأتى غسل الرجل في الخف فالنزع واجب لأجل الغسل، فإذا نزع بطلت به المدة، وإذا لم ينزع هل نقول: تبطل، تنزيلًا لوجوب النزع منزلته، أم لا؟ هذا محل الاحتمال، وإن كان يتأتى غسل الرجلين في الخف ينبغي ألا تبطل مدة المسح، بناء على أن الوضوء لا يندرج تحت الغسل، ويصير ذلك بمنزلة ما قاله الأصحاب فيما إذا دميت رجله في الخف، إن أمكن غسلها فيه لم تبطل المدة. انتهى كلامه.

فأما ما اعترض به على الرافعي من أن حديث صفوان إنما يدل على أن المسح لا يقوم مقام الغسل فليس كذلك، بل يدل على وجوب النزع، فإن لفظه- على ما حكاه الرافعي وغيره-: ((أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كنا سفرًا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام إلا من جنابة)).

وأما قوله: وإذا لم ينزع فهل نقول: تبطل، تنزيلًا لوجوب النزع منزلته، أم لا؟ هذا محل الاحتمال- فيقال له: توقفك في البطلان في هذه الحالة يستدعي جواز المسح على تقدير عدم البطلان، وإلا لم يكن لبقاء المدة فائدة، وجواز المسح لابد له من فائدة، وما فائدته مع قيام الجنابة، فإنه لا يستبيح معها شيئًا من الموانع، والفرض: أنه لابد من النزع، وإذا نزع عاد الحدث.

وأما قوله: وإن كان يتأتى غسل الرجلين في الخف فينبغي ألا تبطل مدة المسح، بناء على أن الوضوء لا يندرج تحت الغسل ... إلى آخره- فإن تفريعه عدم البطلان على عدم الاندراج كلامٌ عجيب، بل إذا أمكن الغسل في الخف، وقلنا بما قاله من أنه ينبغي ألا تبطل المدة- فإنه يمسح إلى انقضاء المدة. نعم، إن كان قد أحدث الحدث الأصغر- أيضًا- مع الأكبر: فإن توضأ أولًا ومسح قبل الغسل فلا كلام، وإن اغتسل وقلنا بعدم الاندراج احتاج إلى الوضوء والمسح، ولكن لا ارتباط له بالبطلان وعدمه. وخطر لي في الجواب عن الثاني: أن يتوضأ ويمسح، لفائدة النوم والأكل والشرب والجماع وغيرها مما استحبوه في باب الغسل.

قوله: قال الأصحاب: والرخص التي تتعلق بالسفر ستة، منها ما يختص بالطويل بلا خلاف، وهي: المسح على الخفين، والقصر، والفطر، ومنها ما يجوز في الطويل والقصير بلا خلاف، وهي الصلاة على الراحلة ونحوها، وفي هذا شيء ستعرفه،

<<  <   >  >>