ومنها ما اختلف قول الشافعي فيه، وهو الجمع في السفر والتيمم. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ادعاه من نفي الخلاف في جواز الصلاة على الراحلة في السفر القصير ليس كذلك، بل في اشتراط السفر الطويل في ذلك قولان مشهوران في ((الرافعي)) وغيره، وقد حكاهما المصنف في باب استقبال ودعواه- أيضًا- أنه لا خلاف في اختصاص القصر بالسفر الطويل ليس كذلك، بل فيه قول: أنه يجوز في القصير- أيضًا- بشرط الخوف، حكاه الرافعي وغيره، وحكاه المصنف- أيضًا- في صلاة المسافر.
الأمر الثاني: أن ما ذكره من انحصار رخص السفر في ستة باطل- أيضًا- فإن ترك الجمعة من رخص السفر، وكذلك عدم القضاء على المتيمم الفاقد للماء، وعدم القضاء على الزوج إذا سافر بواحدة من نسائه بالقرعة. فالجمعة لا تختص بالطويل، بخلاف الأخيرتين على الصحيح. وعدوا- أيضًا- أكل الميتة من رخص السفر.
قوله: وابتداء المدة من حين يحدث، لأنها عبادة مقدرة بوقت، فكان أول وقتها من حين جواز فعلها كالصلاة، ثم هذا الدليل يدل على امتناع تجديد الوضوء المشتمل على مسح الخفين، ولاشك في أنه مكروه. انتهى كلامه.
واعلم أن عبارته تقتضي الامتناع فيما قبل الحدث وبعده، مع أن التعليل المتقدم الذي استنبط منه ما ذكره إنما يدل على المنع فيما قبل الحدث خاصة، ثم إن دعواه أنه لاشك في الكراهة عجيب، فقد جزم النووي في ((شرح المهذب)) هنا بجوازه واستحبابه فيما قبل الحدث، على خلاف ما دل عليه التعليل السابق.
قوله: فإن مسح في الحضر ثم سافر، أو مسح في السفر ثم أقام- أتم مسح مقيم. ثم نبه على أمرين، فذكر أحدهما.
ثم قال: الثاني: أن المسألة الثانية مصورة بما إذا بقي من مدة المقيم شيء كما إذا كان قد مسح دون يوم وليلة، لأن فيه تنبيهًا على محل خلاف المزني، أما إذا كان قد مسح في السفر يومًا وليلة فأكثر ثم أقام، استأنف وفاقًا، وإنما قلنا ذلك، لأن في ((تعليق)) البندنيجي: أنا أبا العباس- يعني ابن سريج- حكى عن المزني أنه قال: إذا كان مقيمًا ثم سافر أو مسافرًا، ثم أقام- بني إحدى المدتين على الأخرى، ويقسط ذلك على الزمان: فإن كان مقيمًا، فمضى من مدة الإقامة ثلثها من حين الحدث، ثم سافر-فله أن يمسح بعد أن حصل مسافرًا يومين وليلتين ثلثي مدة السفر، في مقابلة