اليسير لا يقطع الاتصال بين الإيجاب والقبول على الأصح، فيتجه جريان مثل ذلك هنا. انتهى كلامه.
واعلم أن الذي حاول تخريجه هو عين ما نقله الرافعي أو داخلٌ فيما نقله، فإنه عبر بالإيجاب والقبول كما تقدم، وهو يتناول الأبواب كلها إن لم نحمله على المتبادر إلى الفهم وهو المعاملات.
قوله: فروع: لو قال البائع. بعتك بألف أفقبلت؟ فقال: نعم، أو قال: بعتك بألف، فقال: نعم- انعقد البيع، حكاه الرافعي في كتاب النكاح، وفي ((النهاية)) في كتاب ((الإقرار)) أن قول المشتري: نعم، لا يكون قبولًا. انتهى كلامه.
وحاصله: أن الإمام قائل بأن ((نعم)) لا تكون جوابًا للمسألتين، وليس كذلك، بل إنما أجاب به في المسألة الثانية فقط، فإنه ذكرها قبيل فصل أوله: قال: والإقرار في الصحة والمرض- فقال ما نصه: مما أجراه الأئمة: أن الرجل إذا قال لمن يبايعه: بعت منك هذا بألف، فقال: نعم- لم يكن ذلك قبولًا، فإن قول القائل: نعم يترتب على استخبار وهو يقع خبرًا، والخبر يتردد بين الصدق والكذب، وقبول العقد إنشاء لا يتصف بصدق ولا كذب. هذا كلامه، ولا يلزم من المنع في هذه أن يمنع عند الاستفهام، لأن ((نعم)) إذا لم يتقدمها استفهام لا يكون مدلولها إلا تصديق ما صدر من المتكلم وهو الإيجاب في مثالنا، فكأنه قال: صدقت في أنك رضيت بذلك وأوجبه، وإنما تكون مفيدة إجابة المتكلم إذا كان مستفهمًا، والصورة التي لم يذكرها الإمام قد وجد فيها الاستفهام، ووقعت ((نعم)) فيها مترتبة على التماس إنشاء.
قوله: ولو قال: بعتك بألف إن شئت، فقال: شئت- لم ينعقد، وفي ((التتمة)) عند الكلام في نية الوضوء والتبرد: أنه يصح. ولو قال: اشتريت، فوجهان. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن ((التتمة)) قد نقله- أيضًا- المصنف عنه في ((شرح الوسيط))، وهو غلط عجيب، فإن صاحب ((التتمة)) إنما حكم بصحة الإيجاب فقط، ولم يتعرض لقول المشتري: شئت، فقال: وكما لو قال رجل لآخر: بعتك هذا الثوب بعشرة إن شئت، كان الإيجاب صحيحًا، لأنه لو لم يقل: إن شئت كان الخيار ثابتًا، فإذا صرح به لم يضره. هذا لفظه، ثم صرح هنا بالمسألة التي ذكرها المصنف، وجزم فيها بالبطلان فقال: الخامسة عشرة: لو قال: بعتك هذا الثوب بعشرة إن شئت، فإن قال المشتري: شئت، لم ينعقد البيع، لأن لفظ ((المشيئة)) ليس من ألفاظ التمليك، وإن قال: قبلت، فوجهان. هذا كلامه، وقد ذكر الشيخ محيي الدين أنه لا خلاف في عدم الصحة فيها، كذا ذكره في ((شرح المهذب))، لكن نص الشافعي على الصحة، كذا نقله عنه