الكرابيسي في ((أدب القضاء)) فقال ما نصه: وقال- يعني الشافعي-: إذا قال لعبده أنت حر بألف، أو: أنت طالق بألف إن شئت، فشاء العبد والمرأة- عتق العبد وطلقت المرأة وعليهما الألف، وكذلك إذا قال: قد بعتك هذا العبد بألف إن شئت، فقال: قد شئت- جاز البيع. هذا لفظه بحروفه، ومنه نقلت، والنسخة التي نقلت منها أصل عتيق كتب ابن الصلاح عليها بالثناء عليه وباستغرابه وكثرة فوائده، ورأيت في ((الأم)) في كتاب الإقرار نحوه- أيضًا- فإنه قال: ما نصه: لو قال: هذا لك بألف درهم إن شئت، فشاء- كان هذا بيعًا لازمًا، ولكل واحد منهما الخيار، لأن قول إنشاء لا إقرار. هذا لفظه.
قوله- في المسألة-: ولو قال: اشتريت، فوجهان، أظهرها- وهو اختيار القاضي الحسين، وبه أجاب القاضي أبو الطيب وابن الصباغ في كتاب ((الإقرار)) -: أنه ينعقد. ولو قال الطالب: اشتريت هذا منك إن شئت، فقال: بعته منك إن شئت- قال الإمام في كتاب ((الإقرار)): الذي يجب القطع به: أنه لا ينعقد، فإن الموجب علق الإيجاب بالمشيئة بعد سبق التعليق، والتعليق يقتضي وجود شيء بعده، فلو قال الطالب مرة أخرى: اشتريت، أو: قبلت- قال: فالذي يقتضيه القياس عندي أن البيع لا يصح على قياس القاضي- أيضًا- فإنه يبعد حمل المشيئة على استدعاء القائلٍ، وقد سبق فتعين حمله على المشيئة نفسها، وإذا حمل على ذلك كان تعليقًا محضًا، والتعليق يبطل البيع. انتهى كلامه.
وما نقله عن الإمام في كتاب الإقرار من تصوير المسالة بما إذا علق المشتري- أيضًا- كلامه، وأن تعليقه مقتضٍ للبطلان- قد نقله عنه المصنف في موضع آخر أيضًا، وهو غلط، بل أجاب الإمام بالبطلان مع كون المشتري لم يعلق كلامه، فقال ما نصه: ولو قال الطالب: اشتريت منك هذا العبد بألف، فقال: بعته منك إن شئت- فيجب القطع بأن البيع لا ينعقد، فإن الموجب علق الإيجاب بالمشيئة بعد سبق القبول، والتعليق يقتضي وجود شيء بعده. هذا لفظه، ثم ذكر ما نقله عنه المصنف إلى آخره.
قوله: فنقول: إذا اشترى قريبه الذي يعتق عليه ثبت فيه الخيار للبائع، وفي ثبوته للمشتري خلاف مبني على أقوال الملك، فإن قلنا إن الملك للبائع أو موقوف، ثبت له- أيضًا- وإن قلنا: إنه للمشتري، لم يثبت على الصحيح، وفي ((الحاوي)) حكاية وجه أنه يثبت أيضًا. انتهى كلامه.
وما نقله- رحمه الله- عن الحاوي من كونه قد حكى وجهًا ليس كذلك، بل جزم به. نعم، حكاه الماوردي في خيار الشرط، ولا يلزم من التردد هناك حصوله هنا،