وقد قال الإمام في كتاب الإقرار: إن من يثبت الخيار لمن يشتري أباه يتردد في خيار الشرط، ويقول: إنا يثبت خيار المجلس من جهة أنه خيار شرعي، فأما الخيار الذي يتعلق ثبوته بالشرط والاختيار فلا وجه لثبوته. هذا كلامه.
قوله: وفي جواز الخيار ثلاثة أيام ما رواه مسلم وأبو داود عن محمد بن يحيي بن حبان قال: كان جدي قد بلغ مائة وثلاثين سنة وما زال يخدع، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من بايعته فقل: لا خلابة، وأنت بالخيار ثلاثًا)). انتهى كلامه.
واعلم أن هذه الزيادة التي ساق الحديث لأجلها، وهي قوله:((وأنت بالخيار ثلاثًا)) - قد وهم في نسبتها إلى مسلم، والذي رواه مسلم عن ابن دينار: أنه سمع ابن عمر يقول: ذكر رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع في البيوع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من بايعت فقل: لا خلابة)) فكان إذا بايع يقول: لا خيانة. وأورده- أيضًا- البخاري في ((صحيحه)) في باب ما ينهى عن إضاعة المال، وفي باب من باع على الضعيف، ولم يذكر فيه هذه الزيادة. نعم، ذكرها في ((تاريخه))، ورواها- أيضًا- على الشافعي وغيره، وما وقع فيه المصنف هاهنا قد تفطن له في ((المطلب)) فذكره على الصواب أيضًا.
قوله: وينتقل المبيع إلى المشتري بنفس العقد في أحد الأقوال، وبانقضاء الخيار في الثاني، وموقوف في الثالث.
ثم قال: ومن فوائد الخلاف: نفقة المبيع على من تجب؟ وقد ذكره الجيلي، وقال: إذا قلنا بالوقف كانت عليهما ... إلى آخر ما ذكر.
وهذه المسألة التي لم ينقلها إلا عن الجيلي مشهورة للأصحاب المعتبرين على غير هذا الحكم الخارج عن القياس: فقد ذكرها الروياني في ((البحر)) في باب بيع المال الذي فيه الزكاة، وهو قبل زكاة المعدن، وصرح بأنا إذا قلنا بالوقف كانت- أيضًا- موقوفة تجب على من تبين الملك له، وذكرها أيضًا. وذكر الرافعي: أن نفقة الولد إلى أن يعرض على القائف على الرجلين، فإذا ألحقه بأحدهما رجع الآخر عليه. وقيده في العدة بما إذا أنفق بإذن الحاكم، وإلا لم يرجع. والقاضي الحسين في كتابه المسمى بـ ((أسرار الفقه)) فقال: إن قلنا: إن الملك للبائع، فالنفقة عليه، وإن قلنا: للمشتري، فعليه، ذكر ذلك قبيل كتاب النفقات، ويعلم منه- أيضًا- من عليه النفقة على القول الثالث، لأن كون الملك فيه للبائع أو المشتري تظهر عند انقضاء الخيار، إلا أن المطالب منهما في مدة الوقف لا يعلم مما ذكره. ثم إن الفطرة تتبع النفقة، وفطرة هذا العبد تنبني على أقوال الملك كما ذكره الرافعي في آخر باب زكاة الفطر، فلزم ما ذكرناه، والحاصل: أن المسألة مذكورة في غير موضعها، فلم يتفطن لها