كلامه، ثم نقل عن الشيخ أبي حامد جواز ما منعه القاضي، وعن الماوردي منع الاستبدال عن المؤجل مطلقًا، لأنه لا يملك المطالبة به. إذا علمت ذلك فحاصل ما حكاه عن القاضي: أنه يمتنع استبدال الطعام عن الطعام المؤجل إذا كانا من جنس واحد، فإن كانا من جنسين كالقمح عن الشعير لم يمتنع، وهو خلاف ما ذكره القاضي، فإن الذي ذكره أن المؤجل إن لم يكن طعامًا جاز، وإن كان طعامًا فباعه بطعام لم يجز، وإن باعه بغيره جاز إذا تقابضا، وحاصله: منع بيعه بطعام آخر، ولم يشترط فيه أن يكون من الجنس، ومأخذه أنه بيع للربوي الحال بالمؤجل، وقبض المؤجل إذا بيع والحالة هذه إنما هو قبض حكمي، وذلك لا يكفي في الربويات كما أوضحوه في بابه، بل يتعين حمل كلام القاضي على أنه من غير الجنس، لأنه إذا كان بجنسه ونوعه كان أخذ الحال عن المؤجل تعجيلًا للمؤجل، وليس باعتياض كما جزم به الرافعي هنا. وهذا التقرير لكلام القاضي هو الصواب المطابق لما ذكره، وقد قرره المصنف كذلك في ((شرح الوسيط)) على خلاف ما قرره هنا، ونقل فيه عن نص الشافعي ما قاله القاضي من التفصيل، وينبغي إذا كان المؤجل نقدًا فباعه بنقد أن يكون كالطعام بالطعام عند القاضي.
قوله: وفي الثمن ثلاثة أوجه:
والثاني: أنه النقدان لا غير، والمثمن ما يقابلهما على اختلاف الوجهين.
والثالث- وهو الأصح-: أن الثمن هو النقد، والمثمن: ما يقابله.
فإن لم يكن في العقد نقد، أو كان العوضان نقدين- فالثمن: ما اتصلت به الباء، والمثمن: ما يقابله، فإذا باع بغير النقدين في الذمة: فإن قلنا بالوجه الأول فيجوز الاستبدال عنه كالنقدين، وإن قلنا بغيره فلا يجوز. انتهى ملخصًا.
وما ذكره من أنا إذا فرعنا على جواز الاستبدال عن الثمن: أنه يجوز الاستبدال هذا على الوجه الأول، فواضح، لأنه الثمن عند هذا القائل، فإن الباء قد التصقت به. وأما منعه الاستبدال على الوجهين الأخيرين فصحيح بالنسبة إلى الوجه الثاني، وهو القائل بأن الثمين هو النقدان لا غير، وأما بالنسبة إلى الوجه الثالث فلا، بل حكمه حكم الوجه الأول، لالتصاق الباء- أيضًا- وهو واضح.
قوله- في المسألة أيضًا-: ويظهر للاختلاف في أن الثمن ماذا، فوائد أخر، منها: إذا كان العوضان نقدين، فعل الأول: لا يمتنع فيجري في جواز الاستبدال عن كل