الأمر الثاني: أن هذا النقل المذكور عن ((الحلية)) غلط، لأنه إن أراد ((حلية)) الروياني فليس للفيل ذكر، وذكر الهرة، ولكن جزم بجواز بيعها. وإن أراد ((حلية)) الشاشي- وهو المعتاد منه ومن غيره عند الإطلاق- فهو على العكس مما قاله الروياني فإنه ليس للهرة فيها ذكر، وجزم في الفيل بالجواز، وإنما حكى الخلاف قبل استئناسه وتعلمه فقال ما نصه: فأما ما لا نفع فيه من الحيوان ويرجى نفعه في الثاني: كالفهد الذي إذا علم نفع، والفيل إذا تأنس حمل وقاتل- ففي جواز بيعه في الحال وجهان: أحدهما: لا يجوز، والثاني: يجوز. هذا لفظه، وكأنه تحرف عليه ((الفهد)) بـ ((الهرة))، ولم يحرر الخلاف ومحله، فوقع فيما وقع. نعم، في ((الذخائر)) وجه: أنه لا يجوز بيع الفيل ولا الفهد، وفي صحته نظر، قال في شرح المهذب إنه لا خلاف في صحة بيعهما وبيع القرد.
قوله: وفي بيع السم الطاهر الذي لا يستعمل قليله في الأدوية وجهان في ((الحاوي))، وجه الجواز: الاعتماد على قتل الكفار به. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن ((الحاوي)) يقتضي أنه حكى الوجهين في السم الذي يقتل قليله وكثيره، وأن علة الجواز فيه هي قتل الكفار، وهذا غلط لم يذكره الماوردي، بل جزم في هذه الصورة بالمنع، وإنما حكى الخلاف في سم لا يضر قليله، فقال في باب بيع الكلاب فأما السم: فإن كان يستعمل تداويًا كالسقمونيا وما في معناه جاز بيعه، وما لا يستعلم تداويًا بحال فضربان: أحدهما: يقتل يسيره وكثيره، منفردًا ومع غيره، فبيعه لا يجوز لعدم المنفعة. هذا لفظه، وهو كما قلنا.
ثم قال: والضرب الثاني: أن يقتل كثيره ولا يقتل قليله، أو يقتل مع غيره ولا يقتل بانفراده، فقد علق الشافعي القول في بيعه، فخرجه أصحابنا على قولين: أحدهما: أن بيعه باطل كالذي قبله، والثاني: جائز، لقصوره عن حال الأول. ومن أصحابنا من جوز بيع قليله الذي لا يقتل، ومنع من بيع كثيره الذي يقتل، وهذا الفرق لا جوه. له هذا لفظه.
قوله: ويجوز بيع الزرزور والطاوس، للاستمتاع بصورته، وكذا ما يستمتع بصوته. انتهى كلامه.
وفيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره في الزرزور من الاستمتاع بالصورة ليس كذلك، بل العلة فيه عند الأصحاب هو الاستمتاع بالصوت، والمشاهدة- أيضًا- تقتضيه، حتى لو فرضنا