انقطاع صوته امتنع بيعه، على خلاف ما يدل عليه كلامه، والسبب في وقوع هذا الوهم له تعبير الرافعي، فإنه قال: ومنه ما ينتفع بلونه أو صوته كالطاوس والزرزور. هذا لفظه، وهو من باب اللف والنشر: الأول للأول، والثاني للثاني، ولهذا عبر في ((الروضة)) بأن قال: بلونه كالطاوس، أو صورته كالزرور.
الثاني: أن هذا الكلام كالصريح في أن الزرزور لا يحل أكله مع أنه حلال، ولا خلاف فيه- أيضًا- كما قاله في شرح المهذب. نعم، هذا الإيراد لا يخص المصنف، بل وقع لجماعة منهم الرافعي كما قدمت ذكره.
قوله: فما لا منفعة منه شرعًا كآلات الملاهي والأصنام إذا كانت بعد زوال صورتها، لا مالية لها، لا يجوز بيعها، وكذا لو كان له بعد الرصاص مالية على الأظهر عند عامة الأصحاب، وعليه يدل خبر جابر، ومنهم من جوز بيعها، ورأى الإمام الأظهر الجواز إذا كانت متخذة من جواهر نفيسة، بخلاف ما إذا اتخذت من خشب ونحوه. انتهى كلامه.
وهو غلط من جهتين:
إحداهما: فيما نسبه إلى الإمام من اختيار التفصيل المذكور في آلات الملاهي، فإن الإمام إنما ذكره في الأصنام، وحكى في الملاهي وجهين من غير ترجيح.
الجهة الثانية: أن مقتضاه: أن تجويز الإمام إنما هو في الذهب والفضة والزمرد ونحوها، لأن هذه هي الجواهر النفيسة، وليس كذلك، بل عداه الإمام إلى كل ما له قيمة النحاس والصفر والعود وغيرهما.
والموقع للمصنف في هذين الوهمين هو تقليده للرافعي: أما الثاني فبصريح كلامه، وأما الأول فلإلباسٍ وقع في تعبيره، ولهذا وقع فيه- أيضًا- النووي في ((اختصار للروضة))، وعداه إلى ((شرح المهذب))، والمسألة ذكرها في ((النهاية)) في باب بيع الكلاب، وقد ذكرت لفظه في كتابنا المسمى بـ ((المهمات))، وهو الكتاب الذي من الله- سبحانه وتعالى، وله الفضل- بتمامة وإبرازه.
قوله: والمرهون لا يصح بيعه، لأن المقصود من الرهن الاستيثاق إلى حين قضاء الدين، فلو صح بيعه قبل ذلك لبطلت فائدة الرهن، وأبدى الإمام في كتاب الإقرار احتمالًا- في صحة بيعه، ويكون موقوفًا- من بيع المفلس ماله قبل فك الرهن. انتهى كلامه.
واعلم أن في بيع الفضولي قولًا مشهورًا بأنه قديم: أنه يصح موقوفًا على الإجازة،