وقد جزم الإمام بجريانه في المرهون عند إجازة المرتهن، وأما القولان في وقف بيع المفلس على فك الحجر فإنهما ثابتان في الجديد بالاتفاق، وقد قال الإمام: إنهما لا يجريان في الراهن إلا على الاحتمال الذي أشار إليه المصنف. ذكر ذلك كله في أول كتاب الإقرار في الكلام على إقرار المفلس، فاستحضر في أن مسألتنا قولًا جزم الإمام بثبوته، وهو غير القول الذي توقف في تخريجه.
قوله: وعليه يخرج ما قيل في بيع الأشجار المساقى عليها: إنه لا يصح، لأن المساقاة عقد لازم، وقد استحق العامل أن يعمل فيها ما يستحق به أجرًا، وبعض الناس يقول: كان يتجه على بيع الأعيان المستأجرة، من حيث إن العامل قد استحق جزءًا من الثمرة الذي مقتضى العقد أن يكون للبائع، وغفل عن ملاحظة هذا الأصل. انتهى كلامه.
وما ذكره في هذا البحث من عزوه لبعض الناس غريب، فإن البحث المذكور للرافعي، إلا أنه لم يذكره في بابه، بل ذكره في آخر الإجارة، وهو السبب المقتضى لذهول المصنف عنه. نعم، نقله النووي في ((الروضة)) من الإجارة إلى آخر المساقاة، وقد تكلمت في هذه المسألة كلامًا شافيًا لا مزيد عليه ولا محيد عنه، فلينظر من ((المهمات)).
قوله- في الكلام على بيع الفضولي-: وقد حكى هذا القول، أي: قول الصحة، من العراقيين المحاملي في اللباب. انتهى.
وهذا النقل عن اللباب قلد فيه النووي في ((الروضة))، فإنه نقله عنه هكذا، مع أن المحاملي لم ينص على هذه المسألة، فإنه عدد بيوعًا للشافعي فيها قولان، ثم عبر في أثنائها بقوله: وبيع تفريق الصفقة أو بيع الموقوف. هذا لفظه من غير زيادة عليه، ولا شك أن قولي الوقف يطلقان على هذه المسألة- يعني بيع الفضولي- ويطلقان على من باع مال أبيه ظانًا فبان ميتًا، وقد صرح هو بعد هذا بأسطر بذلك فقال: فائدة: هذه المسألة على القوم القديم ملقبة بوقف العقود، وهذا اللقب ينظم معها مسألتين ... إلى آخر ما قال.
قوله: وقد استدل له بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دفع إلى عروة البارقي دينارًا ليشتري به شاة، فاشترى به شاتين، وباع إحداهما بدينار، وجاء بشاة ودينار، فقال- عليه الصلاة والسلام-: ((بارك الله لك في صفقة يمينك)). قال الماوردي: فكان لو اشترى ترابًا لربح فيه. انتهى كلامه.