رأى إحداهما وباعهما جميعًا، لتميزه عنه، هكذا ذكره البغوي في ((فتاويه))، وهو متعين لا شك فيه، قال: وكذلك لو جعل الصبرة صبرتين، ثم أراه إحداهما.
قوله: ولا يشترط مع ما ذكرناه من الرؤية- الذوق في، المذوق والشم في المشموم على الأصح، وهو ما ادعى الغزالي فيه الوفاق، وفي ((التتمة)) و ((البحر)) حكاية وجه في اشتراط ذلك واشتراط اللمس في الملموس من الثياب ونحوها. انتهى كلامه.
وما نقله- رحمه الله- عن ((التتمة)) و ((البحر)) من حكاية هذا الوجه في لمس الثياب ونحوها غلط، فإنهما لم ينقلاه إلا في الشم والذوق، ولم يتعرضا للمس بالكلية، والرافعي قد سبق المصنف إلى هذا النقل عن ((التتمة)) خاصة، فلما رأى المصنف كلام ((البحر)) - أيضًا- ناقلًا لهذا الوجه في بعض ما نقله الرافعي عن ((التتمة))، عمم ذهولًا. ثم إن الذهاب إليه بعيدًا جدًا، فإن الخل والمسك ونحوهما لا يعرف المقصود منهما إلا بالشم والذوق، بخلاف الثياب، فإن إدراك المقصود منها يعرف بدون اللمس.
واعلم أن من جملة الحواس: حاسة السمع، ولم يحكوا في ذلك خلافًا، فإذا باع ما يقصد لسماع صوته فهل يتخرج على الخلاف، أم يصح من غير سماعه جزمًا؟ فيه نظر، والمتجه: الثاني: والفرق: سهولة الشم والذوق، بخلاف السماع، فإنه إلى اختيار الطائر، ويدل عليه- أيضًا- جواز شرائه صغيرًا لفائدة سماع في المستقبل.
قوله: ولو رأى شيئًا، ثم عقد عليه، واختلفا في النقصان عن الحالة التي وقعت فيها الرؤية- فقد قيل: القول قول المشتري.
ثم قال ما نصه: وحكى الغزالي عن صاحب ((التقريب)) - وهو الأصح-: أن القول قول البائع، لأن الأصل عدم التغير واستمرار العقد. قلت: ولو فصل مفصل فقال: إما أن يكون الاختلاف في نقص أصل الخلقة أو في نقصٍ حدث بعد أن كان كاملًا، فإن كان الأول بأن ادعى البائع أنه كذا، ووجد ولم يحدث فيه نقص- فيظهر أن القول قوله، وإن كان الثاني بأن ادعى البائع أنه كان كاملًا، وأن هذا النقص حدث قبل الرؤية، وأنه رآه ناقصًا كما هو الآن- فالذي يظهر أن القول قول المشتري، عملًا بالأصل في الموضعين، كما لو وقع مثل هذا الخلاف في عيب المغضوب بعد تلفه فإن الحكم كما ذكرنا على الأصح، وسنذكر- إن شاء الله تعالى- الفرق بين هذه المسألة ومسألة العيب الذي يمكن حدوثه في موضعها. انتهى كلامه.