أحدهما: أن ما ادعاه هاهنا من أن الأصح تصديق البائع فقد ناقضه في ((المطلب))، فإن حكى عن الغزالي أنه صحح ما صححه هو هاهنا من أن القول قول البائع.
ثم قال عقبه ما نصه: وهو في ذلك متفرد عن الإمام، بل عن جل الأصحاب، فإنك قد عرفت أن كلام القاضي والفوراني والإمام ناص على الجزم بأن القول قول المشتري، وهو ما حكاه الماوردي عن نص الشافعي في كتاب الصرف، ورأيت في الإمام ما يوافقه. انتهى كلام ((المطلب))، وبذلك يظهر أن ما ذكره في هذا الكتاب غلط من سبق قلم أو إسقاط، لأنه لا يمكن حمله على ترجيحه من جهة النقل، ولا البحث أيضًا، لأنه قد ذكر أن الظاهر من جهة البحث إنما هو التفصيل.
الأمر الثاني: أن العيب الذي لا يمكن حدوثه قد ذكره الشيخ في أواخر الرد بالعيب، ولم يذكر هناك الفرق الذي وعد هاهنا في آخر المسألة بأن يذكره فيه.
قوله: ولو غلب من جنس العروض نوع فهل ينصرف الذكر إليه عند الإطلاق؟ فيه وجهان، المذكور منهما في تعليق القاضي أبي الطيب في باب الربا، والمحكي عن أبي إسحاق، وهو المذهب في ((التتمة)) -: أنه ينصرف إليه. انتهى كلامه.
واعلم أن كلام المتولي لا يطابق ما نقله عنه المصنف بالنسبة إلى حكاية الخلاف، فإن صاحب ((التتمة)) سوى في حكاية الخلاف بين الغالب وبين الموصوف، والوصف كافٍ، فراجع التتمة وتأملها.
قوله: ولو باع بنصف دينار صحيح، وشرط أن يكون مدورًا جاز إن كان يعم وجوده. انتهى.
وتقييده الصحة بما إذا عم وجوده مقتضاه: أنه إذا كان عزيز الوجود لا يصح، وليس كذلك، فقد ذكر بعد هذا بقليل أنه إذا باع بنقد يعز وجوده فإنه ينبني على جواز الاستبدال عن الثمن: فإن جوزناه صح، ثم إن وجد فذاك، وإلا فيستبدل، وإن لم نجوز الاستبدال لم يصح. وهذا الذي قاله يأتي في مسألتنا بعينه، لكن الذي أوقع المصنف في هذا هو تقليده للرافعي.
قوله: ويجري خلاف تفريق الصفقة فيما إذا باع معلومًا ومجهولًا إن قلنا: يجيز بكل الثمن، وإن قلنا: يجيز بقسطه من الثمن، فلا يصح وجهًا واحدًا، وحكى الرافعي على هذا وجهًا: أنه يصح، ويثبت له الخيار، فإن أجاز لزمه جميع الثمن. انتهى كلامه.
وما ذكره من الإبطال في المجهول ليس على إطلاقه، بل صورته إذا كان مجهولًا مطلقًا، فإن كان مجهولًا عند العاقد كالغائب كان مخرجًا على القولين. كذا صرح به