المطالبة به، صار كالمعين، فإنه لو وقع مثل ذلك في العين ملك المطالبة بها وجهًا واحدًا، وإن قلنا: لا يملك المطالبة به، فلا تحالف. ثم إن الإمام صحح اللزوم في مسألة الإقرار كما ذكره في موضعه، فاقتضى أن الصحيح التحالف، والغريب: أن المصنف مع ذكره لما ذكره أولا عن الإمام من اختيار المنع، قد نقل هذا التخريج بعد ذلك، ولكن السبب فيه: أن الرافعي قد وقع له- أيضًا- نقل اختيار ذلك عن الإمام، فقلده فيه المصنف، ولهذا عبر بعبارة الرافعي، ثم بعد ذلك نظر في كلامه فأخذ التخريج منه.
قوله في المسألة: وحكى القاضي أبو الطيب أن التحالف يجري في هذه الصورة- أيضًا- واختاره ابن الصباغ، واستدل له القاضي بأن ابن الحداد قال: إذا اختلف الزوجان، فقال: مهرتك أباك، فقالت: بل مهرتني أمي تحالفا. انتهى.
وهذا التعبير الذي ذكره يقتضي عادةً أن ابن الصباغ لم يستدل بما استدل به القاضي، لأنه نقل عنهما معا القول بالتحالف، وأفرد القاضي بهذا الاستدلال، ولم يقل: واستدلا، فدل على ما قلناه، وليس كذلك، بل الاستدلال وقع منهما- أيضًا- فاعلمه.
قوله: ولو اختلفا في التسليم أجبر البائع على ظاهر المذهب، وحينئذ فإن كان الثمن مع المشتري أجبر على إعطائه، وإلا حجر عليه في جميع ماله إلى أن يحضر الثمن، فإن كان- أي الثمن- في بلد آخر، نظر: إن كان بينهما مسافة القصر ثبت للبائع الفسخ، لتصرره بالتأخير، فإن فسخ فذاك، وإن صبر إلى الإحضار دام الحجر.
ثم قال ما نصه: قال الرافعي: وحكي الإمام عن ابن سريج: أنه لا يفسخ، ولكن يرد المبيع إلى البائع ويحجر على المشتري، ويمهل إلى الإحضار، وادعى في ((الوسيط)) أنه الصحيح، وإن كان بينهما دون مسافة القصر فهو كما لو كان في البلد، أما لا لو كان على مسافة القصر؟ فيه وجهان. هذا آخر كلام الرافعي، ومقتضاه: أن خلاف ابن سريج فيما إذا كان المال في مسافة القصر، والذي رأيته فيما وقفت عليه من ((النهاية)): أن ابن سريج قال: إن كان ماله غائبًا عن المجلس فيمهل المشتري إلى تحصيل الثمن، ولا يحجر عليه، ويرد المبيع إلى البائع إلى أن يتوفر عليه الثمن، وإذا انتهى الأمر إلى الامتناع إلى الوصول إلى الثمن، لغيبة شاسعة يعد مثلها امتناعًا ثبت له الفسخ. انتهى كلام ابن الرفعة، رحمه الله.
والكلام عليه متوقف على نقل كلام الإمام، فنقول: قال في ((النهاية)) ما نصه: وقال