ابن سريج: إن كان ماله في البلد، ولكن كان غائبًا عن مجلس التسليم- فيمهل المشتري إلى تحصيل الثمن، ويحجر عليه، ولا يرد المبيع إلى البائع، فأما إذا كان ماله غائبًا عن البلد فليرد المبيع إلى البائع إلى أن يتوفر عليه الثمن، ولا يثبت حق الفسخ عند ابن سريج أصلًا بهذا الوقف الذي نص عليه الشافعي، وإنما يثبت إذا انتهى الأمر إلى الإعسار أو إلى امتناع الوصول إلى الثمن بغيبة شاسعة يعد مثلها امتناعها. هذا كلام الإمام.
إذا علمت ذلك علمت أن في كلام المصنف أمرين:
أحدهما: أن ما اعترض به على الرافعي من أن الإمام لم يحك مقالة ابن سريج في حالة غيبة المالك، وأنما حكاها عنه فيما إذا كان ماله في البلد- غلط، سببه إسقاط من كلام الإمام، فإن الإمام قد ذكر المسألتين كما قد أوقفتك عليه، وهما: مسألة الرافعي، ومسألة المصنف، فأسقط المصنف من كلام الإمام من لفظ ((البائع)) إلى ((البائع)): إما لانتقال نظره، وإما لغلط في نسخته.
الأمر الثاني: أن ما نقله عن ((النهاية)) فيما إذا كان ماله في البلد غائبًا علن المجلس، أن ابن سريج قال: إنه لا يحجر عليه، وير المبيع إلى البائع- غلط على العكس مما في ((النهاية))، فإن فيها عنه إثبات الحجر ونفي الرد كما قاله تقدم من حكاية لفظه، فتأمله. وقد وقع في ((الرافعي)) هنا- أيضًا- غلط في هذه المسألة تبعه عليه في ((الروضة))، فإنه نقل عن ابن سريج أمرًا ثالثًا، وهو أنه يرد المبيع إلى البائع، ويحجر على المشتري، أعني بإثبات الأمرين، فتفطن.