أمكن وامتنع الغرماء من التأخير، أطلق القاضي أبو الطيب والمحاملي والإمام وغيرهم القول بإجابتهم.
وفي ((الحاوي)): أنهم لا يجابون، لاحتمال أن يظهر غريم لم يطلع عليه، وهذا ما قال الرافعي: إنه الظاهر. انتهى كلامه.
وما نقله عن الرافعي من أنه إذا أمكن قسمة المتحصل أولًا فأولًا، لا يقسم وإن طلب الغرماء التعجيل- غلط لا يوافق كلام الرافعي لا حكما ولا تعليلا، فقد قال الرافعي ما نصه: وما يقبضه الحاكم من أثمان أمواله على التدريج: إن كان يسهل قسمته عليهم فالأولى ألا يؤخر، وإن كان يعسر لقلته وكثرة الديون فله أن يؤخر ليجتمع، فإن أبوا التأخير ففي ((النهاية)) إطلاق القول بأن يجيبهم، والظاهر خلافه. هذا كلام الرافعي.
قوله: ولأنه إذا لم يكن ذا مال وجبت نفقته على كافة المسلمين، فوجب إذا كان له مال أن يقدم بالإنفاق منه بطريق الأولى. انتهى كلامه.
وما قاله منقوض بالمرهون والعبد الجاني، فإن مالكهما لا ينفق عليه منهما، وقد صرح الإمام هنا أنه إذا لم يكن للمفلس سوى المرهون لا ينفق عليه منه.
قوله: واعلم أن ما ذكرناه- أي من النفقة عليه وعلى عياله- ظاهر فيما إذا كان بعض ماله لم يتعلق به حق لمعين، أما إذا تعلق بجميع ماله حق معين، إما بسبب الحجر، أو بغيره، أو بهما كالأعيان المبيعة التي لم تقبض أثمانها، والرهون والرقاب التي تعلقت بها أروش الجنايات- ففي ((النهاية)): أنه إذا لم يكن له سوى المرهون لا ينفق عليه وعلى عياله منه. وغير المرهون لم أقف فيه على نقل، والقياس: أن يحلق بالمرهون في ذلك، ويؤيده قول جمهور أصحابنا في مؤنة تجهيز الميت ودفنه: إنها لا تخرج. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما قاله صريح في الحجر عليه إذا كان ماله مرهونًا، وقد تقدم في أول الباب ما حاصله: أنه لا يحجر عليه، فراجعه.
الأمر الثاني: أن هذا النقل عن الإمام لو صح لكان صريحًا في نقل هذه المسألة المهمة، لكنه غير صحيح، ولم يصور الإمام المسألة في المفلس، بل ذكر مسألة مستقلة، فإنه قال: وكان لا يمتنع أن يلتحق المفلس- أي في نفقة الأقارب- بالفقير الذي لا مال له، ولكن أصحاب على ما ذكرناه، فليثق الطالب بما نقلناه. ولو