كان عليه دين وقد رهن به مالًا لا يملك غيره، لا ينفق عليه ولا على أهله وأولاده منه، فإن المرهون خارج عن حكم تصرفه إلى الانفكاك، والأموال باقية على حق المحجور، ولكنه بالحجر محمول على أن يبتدر صرفها إلى دين. هذا كلام الإمام، وحاصله: أنه حاول فرقا بين مسألتين مستقلتين، ولم يذكر أن هذا المرهون حجر عليه، والذي أوقع المصنف في الوهم أنه توهم أن قوله:((ولو كان عليه)) عائد على المفلس، وغفل عن عادة الأصحاب في ترجمة المسائل بذلك، وكيف يتصور ألا يكون عليه دين حتى يأتي بهذه العبارة؟!
قوله: بل يعطى في فصل الصيف كسوة الصيف: قميص، وسراويل ... إلى آخره. أهمل العمامة، ولا خلاف في وجوبها.
قوله- في الكلام على إخراجه من الحبس إذا قامت بينة على إعساره-: ولا فرق في ذلك- على ما حكاه الإمام- بين أن تكون البينة معدلة، أم لا وقد شرع في طلب تزكيتها، لأن الحبس من بعض العقوبات. انتهى كلامه.
وما حكاه عن الإمام من إخراجه بعد قيام البينة وقبل الاستزكاء- وهمٌ، فإن الذي قاله الإمام ما نصه: فإن وجد بينته أقامها كما سنذكر الوجه فيها، فإذا قامت وجرى البحث عن التعديل فلا يسوغ عندنا إدامة الحبس بعد ذلك، فإنه على الجملة من قبيل العقوبات، وقد يرى الوالي التعزير به وحده. وقال أبو حنيفة: لا يصغي إلى البينة على الإعسار حتى يمضي أمد فيه، ثم اختلف قوله فيه، فقال: مرة. لابد من مضي شهرين، وقال مرة: أربعين يومًا، أو خمسين يومًا، وقال مرة: أربعة أشهر. هذا كلامه، وليس فيه أن يطلق بإقامة البينة قبل تعديلها، والذي أوقع المصنف في هذا الوهم تعبير الإمام بقوله: وجرى البحث عن التزكية، مع قوله: ولا يسوغ عندنا إدامة الحبس ... إلى آخره. قال الإمام: قصد بذلك الرد على ما نقله بعد ذلك عن أبي حنيفة من امتناع قبول الشهادة إلا بعد مدة. وأما التعبير بـ ((جريان البحث عن التزكية)) فيرد على المصنف، لأنه قد يقتضي أن البحث قد وجد وانقضى، والأصحاب يطلقونه لإرادة حصول التعديل، والعجب من المصنف فيما قاله، فإنه نسب إلى الإمام أمرًا مخالفًا لسائر الأبواب! وإذا كان يحبس ابتداء في دين بشاهدين لم يعدلا مدة يظهر للقاضي جرحهما أو تعديلهما، احتياطًا للحق وإن لم يثبت- فاستدامته مع ثبوت الدين قبل ثبوت الإعسار أولى.
قوله: وقد يقال على رأي الصيدلاني في حمل الشهادة بالإعسار على وقوف البينة