وأما ما ذكره على القول باشتراط الإقرار من أن الوكيل لابد مع ذلك من اعترافه بأن العين للمدعي فمعلوم: أن الوكلاء لا يشترط فيهم ذلك. وما ذكره عن ((الشامل)) من اشتراطه غلط، فإنه قال ما نصه: فإنه يقول للمدعي: إن المدعى عليه معترف لك في الباطن، وقد وكلني أن أصالح عنه. هذه عبارته، ولم يشترط معه شيئًا آخر، وكذا ذكر ابن يونس، فقال نقلًا عن الشيخ: قال: وإن كان المدعى عينًا لم يجز حتى يقول: هو لك- أي: هو مقر لك في الباطن- وقد وكلني في مصالحتك، فعند ذلك يصح. انتهى كلامه. فهذا هو الذي حمل عليه كلام الشيخ، وليس فيه اشتراط اعتراف الوكيل مع الأمرين الأخيرين.
قوله: وما روى عن صاحب ((التلخيص)) من أنه جوز الصلح عن أرش الموضحة إذا علما قدره، وأنه منع صحة بيعه- فقد خالفه فيه المعظم.
وقالوا: إن كان الأرش مجهولًا كالحكومة التي لم تقدر بعد لم يصح الصلح عنه ولا بيعه.
وإن كان معلوم القدر والصفة: كالدراهم إذا ضبطت في الحكومة جاز الصلح عنها، وجاز بيعها ممن هي عليه.
وإن كان معلوم القدر دون الصفة، كالإبل الواجبة في الدية ففي جواز الاعتياض عنها بلفظ الصلح وبلفظ البيع وجهان. انتهى كلامه.
وما قاله- رحمه الله- من نقل هذا التقسيم عن صاحب ((التخليص)) قلد فيه الرافعي، وهو لا ينطبق على ما نقله هو عنه، فإنه فرض المسألة في المصالحة عن أرش الموضحة إذا علم قدر أرشها، فكأنه صالحه على خمس من الإبل، وهو القسم الثالث من التقسيم المتقدم، فلا يجئ القسمان الأولان أصلًا.
قوله: واعلم أنه كما يجوز له أن يشرع الجناح إلى الشارع يجوز لمن له فيه داران متقابلتان أن يركب عليهما ساباطًا، ويجوز له أن يحفر فيه سردابًا ويبني عليه أزجا يمر عليه المارة، ويحكمه، صرح به العراقيون وغيرهم.
قال في ((بحر المذهب)): ويمثل هذا أجاب الأصحاب- يعني في السرداب- فيما إذا لم يكن الطريق نافذًا، وغلط من قال بخلافه. انتهى كلامه.
وما نقله- رحمه الله- عن ((البحر)) قد غلط فيه عليه، فإن المذكور في ((البحر)) إنما هو ترجيح المنع، فإنه ذكر حكم الشارع في إخراج الجناح والساباط والسرداب،