للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال: فرع: لو كان زقاقا غير نافذ اختلف أصحابنا فيه: فقال بعضهم- وهو اختيار أبي حامد-: الحكم فيه كالحكم في الطريق النافذ، بدليل أنه يجوز لكل أحد دخول هذا الزقاق. وقال هذا القائل: والشافعي لم ينص على هذه المسألة في ((الأم)). ثم قال ما نصه: وقال بعض أصحابنا- وهو اختيار القاضي الطبري، رحمه الله-: ليس له ذلك، لأن ذلك مملوك لهم، ولا يجوز لأحد منهم الانفراد بهوائه، وهذا أقيس عندي. هذا كلام ((البحر)) بحروفه، ولم يذكر فيه غير ذلك، ولم ينص في غير النافذ على السرداب بخصوصه، لكنه يؤخذ مما سبق في الشارع.

وذكر الروياني في ((الحلية)) أيضًا مثله، فقال- بعد ذكر الجناح والساباط في الشارع-: وكذلك لو حفر سردابًا من داره إلى دار أخرى له بحذائها في طريق شارع، وأحكم ذلك بالأزج- يجوز، لأنه لا فرق بين أن يرتفق بما تحتها، أو بما فوقها إذا لم يضر بالمارين، ولو أراد ذلك في طريق سكة غير نافذ فلا يجوز إلا بإذن أهل السكة في ظاهر المذهب، وهو اختيار القاضي الطبري وجماعة. هذا لفظ ((الحلية)) - أيضًا- والموقع للمصنف في هذا الغلط هو الرافعي، فإنه نقله عن الروياني.

قوله: أما إذا قلنا بالقول القديم- أي: في وضع الجذوع على جدار الجار- فلا تجوز له المصالحة على عوض، لأن من وجب عليه حق لم يجز أن يعتاض عنه.

قلت: قد حكى الغزالي في كتاب الإجارة فيما إذا أسلمت امرأة، وليس هناك من يحسن الفاتحة إلا واحد، فجعل صداقها تعليمها الفاتحة- جاز على الأصح من الوجهين، مع أن ذلك واجب عليه، فيتجه أن يجئ مثل ذلك هنا. انتهى كلامه.

والجواب عما قاله قد ذكره الإمام في كتاب الصداق، وهو أن الوجوب إذا لاقى الشخص يجب عليه بذلك الأجرة لغيره، وإن تعين الغير طريقًا، والوجوب هنا لم يلاق صاحب الجذوع، بل لاقى الجار أولًا، فلا يأخذ عنه عوضًا.

<<  <   >  >>