قال: ولو سلمه إليه، وقال: اشتر كذا، ولم يقل: بعينه، ولا قال: في الذمة- فوجهان، أحدهما: أنه كما لو قال: اشتر بعينه، لأن قرينة التسليم تشعر به، وأظهرهما: أن الوكيل يتخير بين أن يشتري بعينه أو في الذمة، لأن على التقديرين يكون إتيانا لمأمور، ويجوز أن يكون غرضه من تسليمه إليه مجرد انصرافه إلى ثمن ذلك الشيء. هذا كلام الرافعي، والعجب من فهم ابن الرفعة ذلك مع التعليل بقرينة التسليم! نعم، ذكر- أعني الرافعي- فيما إذا دفع دينارًا، وقال: اشتر به شاة- أنه يصح الشراء بعينه وفي الذمة، ثم ينقده. وهذا التصوير كانه لم يقع عن قصد، وأما ابن عصرون فقال في ((المرشد)): وإن دفع إليه ألفا، وقال: اشتر عبدًا، ولم يقل: بعينها- فله أن يشتري بعينها، وله أن يشتري في الذمة وينقدها فيه، عملًا بمطلق الإذن. هذا لفظه نقلته من النسخة التي كانت ملكًا للمصنف- أعني ابن الرفعة- وعليها خطه.
قوله: ولو استمهل البائع الوكيل في الرد بالعيب إلى أن يعلم موكله، لم يلزمه ذلك، فلو أجاب فهل يسقط حقه من الرد؟
فيه وجهان في ((المهذب))، والمختار منهما في ((المرشد)): عدم السقوط، وقد حكاهما الإمام عن العراقيين- أيضًا- فيما لو أبطل الوكيل حق رد نفسه بإلزام العقد، وصحح وجه السقوط، وهو الذي اختاره في ((المرشد)).
ثم قال عقبه من غير فاصل: وعلى هذا إذا حضر الموكل وأجاز العقد فلا كلام، وإن لم يرض به ففي ((التهذيب)): أن المبيع للوكيل، ولا يرد، لتأخيره مع الإمكان.
وقيل: له الرد، لأنه لم يرض بالعيب، وضعفه وهذا القول لم يحك البندنيجي والمتولي سواه، واختاره في ((المرشد))، وادعى الإمام أنه متفق عليه، لأنه إذا لم يبطل حق الموكل بإبطال الوكيل فبالتأخير أولى.
ثم هذا إذا توافق البائع والمشتري والموكل على أن العقد وقع للموكل بالنية أو بالتصريح بالسفارة. انتهى كلامه.
وهذا الذي قاله- رحمه الله- غلط يحتاج في فهمه إلى فكر وخلو بال وتطويل، فنقول لا شك أنه فرض ذلك فيما إذا توافقوا على أن العقد وقع للموكل كما ذكره في آخر المسألة، وحينئذ فالتفريع المشار إليه بقوله: وعلى هذا ... إلى آخره، قد تقدمه