مسألتان: المسألة الأولى: إذا استمهل البائع، والثانية: إذا رضي الوكيل بالعيب وألزم العقد:
فإن كان ذلك التفريع عائدًا على المسألة الثانية- وهو المتبادر من كلامه- فهو باطل، لأنه لا خلاف والحالة هذه أن البيع للموكل، وأن له الرد على البائع، وتعود السلعة إليه، ولا تعود إلى الوكيل، وقد صرح الرافعي بذلك- أعني بعدم الخلاف فيه- ونقل القول به عن البغوي بخصوصه، وأيضًا: فتعليله الذي نقله عن الإمام يمنع تصوير المسألة بذلك بالضرورة، فراجعه.
وإن كان التفريع المذكور راجعًا إلى المسألة الأولى، وهي مسألة الاستمهال، لكونها المسألة الأصلية، والثانية كالتذييل عليها- فلا يكون التفريع عليها الذي قاله كله صحيحًا، بل المستقيم منه ما نقله عن ((التهذيب)) خاصة، وقد نقله عنه الرافعي، ثم استشكله، فقال: ولو أخر كما [إذا] التمس البائع، فحضر الموكل، ولم يرضه- قال في ((التهذيب)): المبيع للوكيل، ولا رد، لتأخيره مع الإمكان، وقيل: له الرد، لأنه لم يرض بالعيب، قال: وهو ضعيف، ولك أن تقول ... إلى آخره. وهذا الذي قاله الرافعي مطابق لكلام المصنف إن أراد ما قلناه، لكن هذا التفريع إنما هو على القول ببطلان خيار الوكيل عند الاستمهال بلا شك، فكان ينبغي أن يصرح به فيقول: فإن أبطلنا، أو ما في معناه، فإنه قد ت قدم منه ذكر وجهين، لاسيما وقد نقل ترجيح عدم البطلان واقتصر عليه، فكيف يصح أن يقول: وعلى هذا، مشيرًا إلى البطلان؟! فإن ذلك لا يصح مع عدم الرجحان، فضلًا عما إذا كان مع رجحان الصحة.
وعلى كل حال فما نقله عن ((التهذيب)) ثابت فيه، لكنه لا يصح الإبراء إلا بالإضمار المذكور، وأما ما بعده- وهو قوله: وهذا القول لم يحك البندنيجي ... إلى آخره، فغلط، وذلك لأنه لا يمكن حمله على الإشارة إلى الوجه الأول الذي اختاره صاحب ((التهذيب)) من أن الموكل إذا لم يرض بالبيع فيرتد على الوكيل، لأن الإمام والمتولي وغيرهما من الجماعة الذين نقل عنهم هذا القول قائلون بالعكس، وهو جواز الرد على البائع، فتأمله، فبطل العود بسببه لذلك الوجه، والتعليل الواقع في كلام الإمام يوضحه، هذا مع أمور أخرى.